جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣))
٥٩ ـ (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ :) وعد الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله بالنصر على أعدائه وأمره بالإعداد والاستعداد وقال له : لا تظنّن يا محمد أن أعداءك من الكافرين قد فاتوك وأصبحوا خارج قبضة يدك وسبقوا أمر الله وأعجزوه ، بل إنه سبحانه وتعالى سيظفرك بهم وينصرك عليهم. وقد قرأ ابن عامر وحفص وأبو جعفر : ولا يحسبنّ ، بالياء. والباقون بالتاء وقرأ ابن عامر : أنهم بفتح الهمزة والباقون بكسرها.
من قرأ : لا تحسبن ، بالتاء اعتبر : الذين كفروا ، المفعول الأول ، وجملة : سبقوا ، المفعول الثاني ، وهو الأصوب.
ومن قرأ لا يحسبنّ ، بالياء ، إذا جعل : الذين كفروا ، الفاعل ، فإنه لا يجوز ذلك لأن : يحسبنّ تحتاج إلى مفعولين. ويمكن حمل رأيهم على كون فاعله النبيّ (ص) أو أن يكون تقديره على حذف أن ، بتقدير : لا يحسبنّ الذين كفروا أن سبقوا ، فحذفت : أن كما في قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ).
أما كسر همزة إنّ فعلى الاستئناف وهو الأصح ظاهرا ، كما أن من فتحها جعل القول متعلقا بالجملة الأولى ، والتقدير : لا تحسبنّهم سبقوا لأنهم لا يفوتون.
والحاصل أن في الآية الشريفة تطييبا لقلب رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ وعده سبحانه بأن الكفار لن يفتلوا من يده. ولذا أمره بقوله في الآية التالية :
٦٠ ـ (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...) أي هيّئوا السلاح للقاء المشركين ، وأعدّوا ما قدرتم عليه مما تتقوّون به من مقاتلين ومن آلات