للحرب. والقوّة هي الثقة بالله سبحانه والرغبة في ثوابه ، ووحدة الصف واتّفاق الكلمة ، إلى جانب التحصّن والتهيئة بكل وسيلة مفيدة. فدبّروا ذلك ، وأقدموا بما عندكم من قوّة (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) أي اقتنوا الخيل واربطوها وهيئوها للغزو فهي من أقوى عدد الجهاد في تلك الأيام. وفي المجمع روي قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : ارتبطوا الخيل ، فإن ظهورها لكم عزّ ، وأجوافها كنز. فإن ذلك الاستعداد (تُرْهِبُونَ) تخوّفون (بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) أي مشركي مكة وكفار العرب كافة (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) يعني وترهبون أعداء وكفارا غيرهم من المنافقين الذين (لا تَعْلَمُونَهُمُ) أي لا تعرفونهم لأنهم يصلّون ويصومون ويوحّدون ، وهم بين المسلمين و (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) يعرفهم لأنه مطّلع على ما في ضمائرهم ، وقد خصّهم سبحانه بالذّكر لأنهم ليسوا في صفوف الأعداء المتظاهرين بالعداوة ، بل هم مختلطون بالمسلمين (وَ) اعلموا أيها المسلمون أن (ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي ما تبذلونه في طاعته وجهاد أعدائه (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) تعطون ثوابه كافيا وافيا في الآخرة (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) لا تنقصون شيئا بل تأخذون فوق استحقاقكم.
٦١ ـ (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها ...) الخطاب للنبيّ (ص) أي إذا مالوا إلى المهادنة والصلح وترك القتال فمل أنت إليها واقبل بها منهم. وقد أنّث لفظة : السّلم ، لأن معناها المسألة وطلبة الصلح ، فافعل ذلك (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فوّض أمرك إليه ف (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) قد مرّ تفسيره. وقد قيل إنها منسوخة بقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وبقوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ...) والحق أن هذه الآية الكريمة لموادعة أهل الكتاب ، والآيات الأخرى لمقاتلة عبدة الأوثان ، والله أعلم.
٦٢ ـ (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ ...) الخداع إظهار المحبوب في الأمر مع إبطان المكروه. أي إذا أراد الذين يطلبون منك الصلح أن يقصدوا بطلبهم تفريق أصحابك حتى يقوى أمرهم هم ،