بَعْضٍ) أي بعضهم أولى بنصرة بعض وإن لم تربطهم قرابة نسب ، بل الموالاة في الدّين بحيث ينفذ أمان واحد منهم على سائر المسلمين. وقيل : بعضهم أولياء بعض في التوارث كما عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وغيرهم ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا) معكم إلى المدينة (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) أي ليس لكم من ميراثهم شيء حتى يهاجروا إليكم ، فإن الميراث كان منقطعا في ذلك الوقت بين المهاجرين وغيرهم. وفي المجمع عن الإمام الباقر عليهالسلام : أنهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة الأولى. وقيل إن المراد : ليس عليكم نصرتهم. والولاية لغة : عقد النّصرة للموافقة في الديانة. وقرأ حمزة والأعمش ويحيى بن وثّاب : ولايتهم بكسر الواو ، وقرأ الباقون بفتحها. والأصح فتحها لأن الولاية بالكسر معناها الإمارة (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ) طلبوا مساعدتكم على حرب أعدائهم من الكفار (فَعَلَيْكُمُ) فيجب عليكم (النَّصْرُ) لهم. أما في غير الدين فلا تجب عليكم نصرتهم. وقد استثنى سبحانه وجوب نصرهم فقال : (إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) يعني انصروهم في الدين ، إلّا إذا استعانوا بكم على قوم من المشركين يربطكم بهم عهد أو أمان يجب فيه الوفاء به فلا تنصروهم عليهم لأن ذلك نقض للعهد يأباه الإسلام (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) لا تخفى عليه أعمالكم كائنا ما كانت.
٧٣ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ...) أي أن الكافرين بعضهم ناصر بعض ، وبعضهم أولى بميراث بعض ، فلا تتعاطوا أمورهم ودعوهم وشأنهم واهتمّوا بشؤون أنفسكم (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) أي إلّا تفعلوا ما أمرتم به في الآيتين السابقتين من التناصر والتعاون فيما بينكم ، ومن التبرؤ من الكفار والمشركين (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) أي : يحصل بلاء ومحنة على المؤمنين الذين لم يهاجروا خاصة ، فقد يميلوا إلى الضلال. والفساد الكبير : هو ضعف الإيمان ، أو الفتن والحروب وسفك الدماء. وقيل إن المراد بالفتنة : الكفر ، لأن المسلمين إذا والوا