الكافرين تجرّأ الكافرون عليهم ودعوهم إلى اتّباع طريقتهم ، وهذا يوجب التبرؤ النهائيّ منهم. وقيل أيضا : معناه أنكم إذا لم تربطوا التوارث بالهجرة ، ولم تقطعوه بعدمها أدّى ذلك إلى فتنة واختلاف كلمة وفساد عظيم إذ يتقوّى بذلك الخارج على الجماعة. ثم عاد سبحانه يمتدح المهاجرين والأنصار ويثني عليهم فقال فيما يلي من ختام السورة المباركة :
* * *
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥))
٧٤ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا ...) أي الذين صدّقوا رسول الله صلىاللهعليهوآله بما جاء به من عند الله ، وأيقنوا بوجود الله ووحدانيته ، وتركوا ديارهم فرارا بدينهم مع رسول الله (ص) وحاربوا معه لينصروا دينه وشريعته (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) هم المصدّقون فعلا ، قولا وعملا ، وقد حقّقوا إيمانهم حتى برهنوا أنه إيمان حق. فهؤلاء (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي أعد الله لهم مغفرة : تجاوزا عن سيئاتهم ، ورزقا كريما : واسعا عظيما لا ينغّصه شيء من المكدّرات. وقيل : الرزق الكريم : هو هنا طعام الجنّة لأنه لا يتحوّل في الجوف إلى نجو بل يتحوّل ويتبخّر من الجسم كالمسك ريحا وعبيرا.
٧٥ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا ...) أي الذين آمنوا بعد فتح مكة ، وقيل هم الذين آمنوا بعد إيمانكم (وَهاجَرُوا) إلى النبيّ