٢٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ ...) هذا خطاب منه سبحانه للمؤمنين قائلا : لا تتّخذوا آباءكم (وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ) في أمور الدّين (إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ) أي إذا فضّلوا الكفر واختاروه وآثروه على التصديق بالله وأوامره. أما في أمور الدنيا فلا بأس بمجالستهم ومعاشرتهم لقوله تعالى : (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً). وعن الحسن أن من تولّى المشرك فهو مشرك ، يعني إذا كان راضيا بشركه (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) ويطلعهم على أمور المسلمين ليكيدوا لهم ويترك طاعة الله (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أنفسهم المانعين عنها ثواب طاعة الله تعالى إذ وضعوا الموالاة في غير موضعها.
٢٤ ـ (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ ...) أي قل يا محمد للمسلمين الذي تخلّفوا عن الهجرة إلى دار الإسلام : إن كان والدوكم أو من ولدتموهم أو إخوانكم في النّسب (وَأَزْواجُكُمْ) اللواتي عقدتم عليهن عقد النكاح (وَعَشِيرَتُكُمْ) أي جماعتكم وأقاربكم (وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها) اكتسبتموها وجمعتموها (وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها) أي تخافون أن لا تباع إذا اشتغلتم بطاعة الله (وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها) وبيوت يعجبكم الإقامة فيها ، أجل إن كانت كل هذه الأشياء (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ) أي آثر عندكم وتحبّونها أكثر من الله والنبيّ وجهاد الكافرين (فَتَرَبَّصُوا) انتظروا (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) يعني بحكمه فيكم بسبب اختياركم هذه الأشياء. وهذا وعيد شديد لمن فعل ذلك (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) مرّ تفسيره أكثر من مرة.
* * *
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ