عبارة تعني وعدهم بالغنى الذي يصيبونه بعد فتح دور الأكاسرة والقياصرة ، وهو أمر مؤخّر قد تظفر به ذراريهم من بعدهم ، وهذا ـ على كل حال ـ ترغيب للإنسان في طلب الغنى بمشيئته تعالى إذ يعلم أن الغنى لا يكون إلا بالكد والجد (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بالمصلحة وتدبير العباد (حَكِيمٌ) في تقديره وأمره ونهيه.
٢٩ ـ (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ...) بعد أن عرّفهم حكم المشركين في الآية السابقة ، بيّن في هذه الآية الكريمة أن من الكفّار من لا يعترف بوحدانية الله ولا يقرّ ببعث ولا نشور وأمرهم بقتاله. ذلك أن الكافرين لا يعتقدون بربوبيّته (وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ) أي لا يمتنعون عمّا منعه الله ورسوله. ودين الحق هو دين الله تعالى لأنه هو الحق ، ودينه الإسلام والتسليم له في جميع أوامره ونواهيه. وعن أبي عبيدة أنهم الّذين لا يعترفون بالإسلام (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) كاليهود والنصارى الذين يكتمون نعت محمد (ص) وقيل إن المجوس منهم في الحكم فينبغي قتالهم (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) يدفعوها للمسلمين (عَنْ يَدٍ) أي نقدا من يد ليد من غير نائب ينوب بالدفع ، وهذا كما يقال : فم بفم ، وعين بعين. ولعلّ الأصح : أنكم افعلوا بهم ذلك حتى يدفعوا الجزية لكم مرغمين بيد عالية لكم عليهم ، فكأن اليد لكم عليهم بقبولكم الجزية منهم والسكوت عنهم في حمل عقائدهم الفاسدة (وَهُمْ صاغِرُونَ) أي أذلّة مقهورون وهم يساقون إلى محل دفع الجزية. وجملة : عن يد ، في محلّ نصب على الحال ، أي : نقدا ، ويدا بيد ، أو مرغمين كما قلنا ، والله أعلم.
* * *
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ