يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥) وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ (٤٨))
٤٤ ـ (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...) أي أن المؤمنين حقّا لا يطلبون منك الإذن لإعفائهم من الخروج للجهاد بل يأتمرون بأمرك لأنهم مصدّقون بالله وبك وبالبعث والحساب والثواب والعقاب. فالمؤمنون يتأهبون للجهاد بمجرّد دعوتك إليه ، ولا يستأذنون (أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) بل يعتبرون أنك لا تدعوهم إلّا إلى الخير (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) يعرف المؤمنين الذين يجتنبون ما يسخطه ويفعلون ما يرضيه. وقد قال ابن عباس : هذا تعيير للمنافقين حين استأذنونه في القعود عن الجهاد وعذر للمؤمنين.
٤٥ ـ (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ...) أي : لا يطلب الإذن منك والسماح بعدم الخروج وبالتأخر عن الزحف إلّا القوم (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) أي لا يصدّقون بوجوده وَلا (الْيَوْمِ الْآخِرِ) يوم البعث والنشور (وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ) يعني شكّت ودخلها الرّيب فاضطربت (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) أي يروحون ويجيئون ولا يجزمون بأمر بسبب شكّهم في الدّين وبسبب ضعف عقيدتهم وعدم تصديقهم بثواب المجاهدين.