٤٦ ـ (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ...) أي لو كان في نيّة هؤلاء المنافقين الخروج وأرادوه ورغبوا فيه كما رغب المؤمنون (لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) والعدّة هي الأهبة كالاستعداد لأمر يحدث ، قبل وقوعه ، وكان عليهم أن يعدوا السلاح والمركب لتظهر عليهم علائم من يريد الجهاد (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) أي مقت خروجهم للحرب ـ والانبعاث هو الانطلاق للأمر بسرعة ـ كره سبحانه ذلك لمعرفته بنفاقهم وبأنهم سيكونون عيونا للمشركين على المسلمين فضررهم أعظم من فائدتهم (فَثَبَّطَهُمْ) أي قلّل عزائمهم عن الخروج لما علمه من نميمتهم وكفرهم فبطّأهم لفساد نيّاتهم وطويّاتهم (وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) أي ابقوا مع النساء والصبيان الذين يقعدون عن الجهاد لأنه غير مطلوب منهم. ويمكن أن يكون هذا القول لهم قد وقع من أصحابهم الذين نهوهم عن الخروج مع النبيّ (ص) وأصحابه ، ويمكن أن يكون قد صدر ذلك عنه (ص) على وجه الوعيد لهم لا على وجه الإذن ، أو على الإذن الذي عوتب عليه إذ كان ينبغي أن لا يأذن لهم حتى يتخلّفوا من تلقاء أنفسهم فيظهر نفاقهم للملأ.
٤٧ ـ (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً ...) الخبال هنا هو الفساد والاضطراب في الرأي ، ومعناه أنهم إذا خرجوا معكم في الغزو لا يزيدونكم إلّا سوء رأي وفساد تصرّف لأنهم لا يريدون بكم خيرا ، وقيل : إنهم سيزيدونكم جبنا وتهويلا للأمر ليثبّطوا عزائمكم (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) والإيضاع هو الإسراع ، أي أنهم كانوا يسرعون بينكم بالإفساد ويسعون بالتفريق فيما بينكم بأن يركّضوا الإبل وسطكم ليفرّقوا صفوفكم ، ويتخلّلون صفوفكم ليفرّقوا بينها ، وبفعلهم هذا (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) أي يريدون أن تكونوا مشركين مثلهم بفتنتكم عن دينكم فيرمونكم باختلاف الكلمة ويخوّفونكم من أعدائكم (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) أي وبينكم عيون للكفار ينقلون إليهم ما يسمعون منكم ، أو أنه سبحانه أراد ضعفاء العقيدة من المسلمين الذين يسمعون لهم ويصغون لأقوالهم (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أي عارف بهؤلاء المنافقين الظالمين لأنفسهم بما أضمروا من الفساد