حياتهم في الشهوات المحرّمة ، ثم أهلكناهم رغم قوّتهم ومالهم وبنيهم (فَاسْتَمْتَعْتُمْ) مثلهم (بِخَلاقِكُمْ) بحظّكم من الدنيا (كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ) أي أنكم فعلتم مثل فعلهم وأخذتم بنصيبكم مع أنكم أضعف منهم (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) أي تمرّغتم في الكفر واستهزأتم بالمؤمنين كما تمرّغوا واستهزءوا (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) انصرف سبحانه عنهم ليخبر نبيّه (ص) وسائر العالمين بأن أمثال هؤلاء الكفار والمنافقين بطلت أعمالهم وخسرت صفقتهم وصارت أعمالهم هباء منثورا ، لأنها ليس فيها طاعة لله ، ولا صلة رحم ، ولا أنفقوا وقتهم ولا مالهم في وجه من وجوه الخير ، فحبط ما عملوا (فِي الدُّنْيا) وخسروا الثواب (وَالْآخِرَةِ) لكفرهم وشركهم (وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم خسروا أنفسهم في الآخرة بعد أن لفظتهم دنياهم .. وعن ابن عباس قوله : ما أشبه الليلة بالبارحة (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) هؤلاء بنو إسرائيل ، شبّهنا بهم. والذي نفسي بيده لتتبعنّهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضبّ لدخلتموه. وفي الثعلبي عن ابن مسعود ـ كما في المجمع ـ : أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا وهديا ، تتبعون عملهم حذو القذّة بالقذّة ، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟ وقال حذيفة : المنافقون الذين فيكم اليوم شرّ من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله (ص) قلنا : وكيف؟ قال أولئك كانوا يخفون نفاقهم ، وهؤلاء أعلنوه.
٧٠ ـ (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...) أي ألم يصل إلى هؤلاء المنافقين خبر المنافقين الّذين وصفهم وكانوا سابقين لهم ك (قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ، وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكاتِ) فهم أمم ماضية نزل بها ما نزل من الهلاك حين طغت وبغت ، فأهلك قوم نوح بالغرق ، وعادا بالريح الصرصر ، وثمود بالرجفة ، وقوم إبراهيم بسلب النعمة وظلم النمرود ، وأصحاب مدين بعذاب يوم الظّلة ، والمؤتفكات : أي القرى الثلاث التي كان يسكنها قوم لوط هلكت بالخسف. وهؤلاء القوم ، جميعهم (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي جاءوهم بالحجج والدلائل والمعجزات (فَما