وأخذت عنوة ، وهم لا يرجون ثوابا عليه ولا أجرا (وَ) هو (يَتَرَبَّصُ) ينتظر (بِكُمُ الدَّوائِرَ) أي حوادث الزمان التي تدور وتكون مذمومة العواقب بالنسبة إليكم ، فكأنهم ينتظرون لكم القتل والهزيمة ، أو موت النبيّ (ص) ليرجعوا إلى شركهم وكفرهم. ولا يخفى أن الدائرة معناها زوال النعمة والوقوع في الشّدة. وقد ردّ سبحانه على تربصهم بقوله (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) أي أنه وعدهم بها ودعا عليهم بالبلاء بعد العافية وبسوء العاقبة وسيبقون مغلوبين (وَاللهُ سَمِيعٌ) يسمع ما يقولون بدقّة (عَلِيمٌ) بنيّاتهم وخفاياهم.
٩٩ ـ (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ...) أي ومن هؤلاء الأعراب من يصدّق بالله وبما جاء به رسوله عنه (وَ) يصدّق (الْيَوْمِ الْآخِرِ) يوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب وجنة ونار (وَيَتَّخِذُ) يعدّ (ما يُنْفِقُ) يبذل في الجهاد (قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) أي يعتبر نفقاته أعمال خير تقرّبه من مرضاة الله ، والقربة هي عمل الطاعة المقرّب إلى الله تعالى ، فهو يطلب بنفقته تعظيم أمر الله ونيل رضاه (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) هذا عطف على (ما يُنْفِقُ) أي أنه يبتغي بها دعاء النبيّ (ص) لأن الصلاة معناها الدعاء (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) أي أن نفقتهم وصلوات الرسول تقرّبهم من ثواب الله لأنهم قصدوا بها وجهه ورضاه ورضا رسوله. وهؤلاء المؤمنون (سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) أي أنه سيرحمهم ويدخلهم الجنة. وهذه بشارة ثانية بعد البشارة التي استفتحها سبحانه ب (أَلا) التي تبشّر أن عملهم قربة إليه (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) متجاوز عن ذنوبهم (رَحِيمٌ) بهم وبأهل طاعته. وغفور ورحيم صفتا مبالغة بمغفرته ورحمته.
١٠٠ ـ (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ...) بعد ذكر المنافقين وعرض حالهم وذكر مآلهم ذكر سبحانه السابقين إلى الإيمان المتسابقين إلى النّصرة والجهاد ممن هاجروا من مكة أو ممن آووا ونصروا النبيّ وأصحابه في المدينة ، فقال : هؤلاء وهؤلاء وَمعهم (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) أي تابعوهم على عمل الخير والدخول في الدّين ومشوا