ليس لهم أن ينفروا إلى النبيّ (ص) ويتركوا قراهم وبواديهم ويخلوا ديارهم طلبا للتفقّه في الدّين (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) جماعة معدودة (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) ويتعلّموه ويفهموا حقيقة أوامر الله ونواهيه. فالتفقّه في الدين هو طلب الفقه أي العلم به. ولكلمة (فَلَوْ لا) تعني : هلّا ، وهي للتحضيض إذا دخلت على الفعل كالذي نحن فيه ، وهي لامتناع الشيء لأجل وجود غيره إذا دخلت على الاسم. والمعنى : هلّا ذهب بعض المؤمنين وتعلّموا الدّين وأصوله ليعلموه (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) أي ليخوّفوهم إذا عادوا وليعلّموهم القرآن والسنّة (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) أي عسى أن يخافوا سخط الله فلا يعملون بخلاف ما أمر؟ وقد قال الإمام الباقر عليهالسلام : كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله أن تنفر منهم طائفة للتفقّه وتقيم طائفة ، وأن يكون الغزو نوبا.
* * *
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥))
١٢٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ...) هذا أمر منه سبحانه للمؤمنين بأن يحاربوا الكفّار الذين يلونهم : أي بقربهم وجوارهم. وقيل قصد الأقرب فالأقرب بالنّسب والدار والجار لأنه أمر صدر قبل الأمر بمقاتلة المشركين كافّة. وقيل أيضا هو يعني قتال الأقرب قبل الأبعد ، ودعوة الأدنين قبل الأبعدين إلّا أن يكون بين الجيران موادعة