ومواثيق. وهذا يعني ـ على كل حال ـ أن على أهل كل ثغر الدفاع عن ثغرهم من أجل حفظ بيضة الإسلام وإن كان ابن عباس قد قال : أمروا بقتال عدوّهم الأدنى فالأدنى ، مثل قريظة والنّضير وخيبر وفدك ، وابن عمر قد قال : إنهم الرّوم لأنهم سكان الشام ، والشام أقرب إلى المدينة من العراق ، كما أن الحسن كان إذا سئل عن قتال الروم والديلم والترك قرأ هذه الآية ... فعليكم أيها المؤمنون أن تقاتلوا من يليكم بالمعاني التي ذكرناها (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) أي شدّة وقسوة تبرز شجاعتكم وخشونتكم في ذات الله ، فلا تلينوا لهم بل أروهم العنف لتزجروهم عمّا هم فيه من ضلال (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) أي هو يعينهم وينصرهم فلا يغلبهم أحد معه الله جلّ وعزّ ... ثم عاد سبحانه إلى ذكر المنافقين فقال :
١٢٤ ـ (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ ...) أي : أن المنافقين الذين ذكرناهم لك ، إذا أنزلت عليك سورة من القرآن (فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ) فبعضهم يقول لمن يليه على سبيل الاستهجان والإنكار : (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ) السورة (إِيماناً) أي تصديقا؟ يعني أنهم لم تزدهم شيئا من ذلك. ولهذا فصّل سبحانه وهو العالم بالسرائر : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) أي زادت المؤمنين يقينا ورسوخا في الإيمان لأنهم كانوا مؤمنين بما مضى نزوله ثم آمنوا بما أنزل الآن (وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي يتناقلون البشارة وتتهلّل وجوههم فرحا بنزول ما ينزل من الوحي ، والجملة حاليّة كما لا يخفى.
١٢٥ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ...) أي المنافقين الذين مرضت قلوبهم بالشكوك (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) يعني كفرا ودنسا ، إلى جانب نفاقهم وريائهم لأنهم يشكّون فيها كما شكّوا فيما قبلها ، وتلك هي الزيادة. وقد سمّى الكفر رجسا ذمّا له ليتجنّبه من كان يعقل ، وعنى بزيادة الكفر ما أضافته هذه السورة من حقدهم وحنقهم فاغتاظوا (وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) أي على حالة الكفر ، وجملة : وهم كافرون ، في موضع نصب على الحال.
* * *