عليهم (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي لا يدركون ولا يفهمون مراد الله بخطابه للناس.
* * *
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩))
١٢٨ ـ (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ...) هذا خطاب للبشر عامة ، ثم للعرب خاصة ، ثم لبني إسماعيل على الأخص ، فهو من أنفسكم : أي منكم ، فالأحرى بكم أن تؤمنوا به وتصدّقوه خصوصا وقد عرفتم مولده ومنشأه وعاشرتموه صغيرا وكبيرا ، ولم تطّلعوا على شيء فيه يوجب النقص. وعن الإمام الباقر عليهالسلام : أنه من نكاح لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية. وعن ابن عباس عن النبيّ (ص) ـ كما في المجمع ـ أنه قال : ما ولد لي من سفاح أهل الجاهلية شيء ، ما ولدني إلّا نكاح كنكاح الإسلام. فقد منّ الله سبحانه عليكم أيها الناس بكون رسوله محمد (ص) منكم ، وأنه (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) أي شديد عليه عنتكم وصعب عليه ما يلحقكم من الضرر بترك الإسلام ، لأنه أيضا (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) أي حريص على الكافر أن يؤمن لتشمله رحمة الله ويخلص من سخطه وعذابه ، وهو إلى جانب حرصه العامّ الشامل لجميع الناس (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) تشملهم رحمته ورأفته التي هي أشد من الرحمة ... وجميل ما ذكره صاحب المجمع رحمهالله من أن الله تعالى لم يجمع لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلّا لمحمد صلىاللهعليهوآله ، فإنه قال : بالمؤمنين رؤف رحيم ، وقال عن نفسه : إن الله بالناس لرؤوف رحيم.
١٢٩ ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ ...) كان الخطاب للبشر في الآية