لم توجد من قبل وغني بالمكان أقام به ، و (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وبمثل ذلك المثل نبيّن حججنا للمعتبرين.
ففي هذه الشريفة شبّه سبحانه الدنيا وبهجتها بالماء الذي ينتفع به ثم يذهب ويغور في الأرض ويتغذّى به الحيوان والنبات ، ثم بالنبات وزهوه وازدهاره وسرعة يباسه وذهابه ، أي ببهجة سريعا ما تزول وتفنى كما تفنى الحياة بالموت ، فألفت النظر إلى توقّع زوالها وعدم الاغترار بها والعمل لدار البقاء.
* * *
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧))
٢٥ ـ (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ ...) أي أنه جلّ وعلا يخلق الخلق ويلطف به ويرسل الرّسل مبشّرين ومنذرين ليدعوهم إلى داره الباقية ، فقد قيل إن السلام هو الله تعالى ، ودار السلام هي الجنّة التي أعدّها للمطيعين ، وقيل إن دار السلام هي التي يسلم فيها المؤمنون من الآفات. والجنة هي دار السلام ، لأن تحيّة أهلها فيها السلام ، ولأن الملائكة تسلّم عليهم ، ولأن ربّهم جلّ وعلا يسلّم عليهم أيضا. فهو يدعو الناس إلى دار السلام (وَيَهْدِي) بواسطة رسله (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) إلى طريق الصلاح