الموصلة إلى الدين الحق بنصب الأدلّة للمكلّفين ، وقيل يهدي عباده الصالحين إلى طريق الجنة.
٢٦ ـ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ ...) الكلام متصل بين الآية وسابقتها ، أي قد أعدّ سبحانه في دار السلام للمحسنين ممّن أطاعوا الله في الدنيا جزاء حسناهم ، مع زيادة من منازل اللذّات والنعيم البالغة لغاية الكمال الذي لا ينتظرونه. وقيل إن الزيادة التي يتفضّل بها عليهم هي ما يفوق الثواب الذي تستحقّه طاعاتهم كقوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ، وقيل هي أنه ـ كرما منه ـ لا يحاسب عباده على نعم الدّنيا كما عن الباقر عليهالسلام ، وقيل غير ذلك (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ) والرّهق لغة لحاق الأمر ، ومنه راهق الغلام أي لحق بالرجال ، ورهقت الذلة الوجه لحقت به ، والقتر الغبرة. فهم لا يصيب وجوههم اغبرار ولا كابة لغمّ أو همّ ولا تغشاها ذلة أي كسوف وهوان وخجل من حالة مزرية ليس فيها عزّة. وفي المجمع عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما من عين ترقرقت بمائها إلّا حرّم الله ذلك الجسد على النار ، فإن فاضت من خشية الله لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلّة (أُولئِكَ) أي الّذين أحسنوا ، هم (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) مضى تفسيره.
٢٧ ـ (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ ...) أي : و (الَّذِينَ) ارتكبوا المعاصي واكتسبوها ، فإن عدلنا قضى بأن (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) فهم يجزون بحسب ما يستحقون على أعمالهم دون زيادة ، لأن الزيادة ظلم والله تعالى لا يظلم أحدا ، فهكذا نعاقبهم (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي يلحقهم هوان لأن العقاب بحد ذاته إذلال ، و (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) أي ليس لهم مانع ولا دافع يدفع عقاب الله تعالى عنهم ، وتراهم في الآخرة (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) أي كأن وجوههم غطّيت بظلمة الليل لسوادها ولكونها كالحة غبراء. وهو تشبيه يرسم صورة وجوههم الكئيبة