(مَكانَكُمْ) فقال الزجّاج : منصوب على الأمر ، والمعنى : انتظروا مكانكم حتّى يفصل بينكم ، والعرب تتوعّد فتقول : مكانك! وقال صاحب المجمع رحمهالله : الصحيح عند المحققين أن : مكانك ودونك ، من أسماء الأفعال. فيكون (مَكانَكُمْ) هنا : اسما ل (الزموا) مبنيّا على الفتح ، وليس بمنصوب نصب الظروف.
(فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) أي ميّزنا وفرّقنا بينهم لسؤال هؤلاء وحدهم ، وسؤال أولئك بمفردهم ، سؤال تقريع وتبكيت (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ) لهم : (ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) إذ ينطقهم الله سبحانه بقدرته فيقولون لعبدتهم من المشركين : لم نشعر بأنكم كنتم تعبدوننا. وهذه إهانة ثانية للمشركين وتبكيت آخر ، وهي نظير الآية الكريمة : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا).
٢٩ ـ (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ ...) أي كفى به عزّ اسمه فاصلا للحكم بالحق بيننا وبينكم أيها الّذين أشركتم بعبادتنا مع الله (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) مضى تفسيره : وهو يعني أنهم كانوا غافلين عمّا ادّعوه عليهم لأنهم لم يحسّوا بشركهم سواء أكان المعبودون الملائكة ، أم كانت الأصنام التي لا تسمع ولا تعقل ، فلا هؤلاء ولا هؤلاء اختاروا أن يكونوا معبودين أو أغروا المشركين بعبادتهم من دون الله.
٣٠ ـ (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ ...) أي حينئذ ، وفي ذلك المكان تجرّب نتيجة عملها وتعلمه ، وتختبر حاصل ما قدّمته من حسنات وسيئات (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ) أرجعوا بالبعث والقيامة إلى ربّهم و (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) وليّهم الحقيقي الذي يملك الحكم عليهم وحده لأنه خالقهم ومالكهم. والحق : صفة لله تعالى ، وهو الحي القديم الباقي الذي لا يزول كغيره ، بل معنى الإلهية حاصل له حقّا. فإذا ردّوا إليه في ذلك اليوم رأوا ما كانوا ينكرون (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي ضاع من بين أيديهم ما