تعانيه من عناد قومك وأذاهم فاسأل الذين يقرءون الكتب ويعرفون صبر الأنبياء من قبلك على أذى أقوامهم (لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُ) أي القرآن (مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) الشاكّين.
٩٥ ـ (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ ...) أي : لا تكوننّ من جملة من يجحد بآياته سبحانه ولا يصدّقها (فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) الخسارة ضدّ الرّبح ، وقد ذكرها جل وعلا لأنه يعلم شدة حزن الإنسان وحسرته إذا خسر ماله ، فكيف يكون تأسّفه إذا خسر دينه؟ ولذا لم يقل : من الكافرين ، لأن الكافر لا يكون مهتّما بكفره ولا يبحث عمّا يخلّصه منه ، ولو أنه فعل ذلك لاهتدى وكان من المؤمنين.
٩٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ...) : أي أن الذين لا يؤمنون ولا يصدّقون بالله وبرسوله مع القدرة على الإيمان بذلك ومع عدم محاولة الايمان والتصديق ، وجب لهم سخط الله تعالى واستحقوا وعيده الخاصّ بالكافرين.
٩٧ ـ (وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ...) : هي تتمة للآية السابقة : يعني أن المتقاعسين عن الإيمان الراغبين عنه المنصرفون إلى لهوهم ولعبهم ، لو أتتهم أيّة معجزة دالّة على وجود الله وصحة النبوّة ، حتى ولو كانت ممّا اقترحوه على نبيّهم ، فإنهم لا يؤمنون حتى يقعوا في العذاب الموجع الذي يلجئ للإيمان إلجاء لا فائدة منه. ومجمل القول أن هذه الفئة من الكفار ليس عندها قابلية اختيار للإيمان ، كما هو في معلوم الله جلّ وعلا.
* * *
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى