منه ، فإني جعلت بطنك سجنه ولم أجعله طعامك ، فلبث في بطنه ثلاثة أيام ، وقيل سبعة أيام ، وقيل أربعين يوما ... فنادى في الظّلمات أن لا إله إلّا أنت سبحانه إني كنت من الظالمين ، فاستجاب الله له فأمر الحوت فنبذه على ساحر البحر وهو كالفرخ المتمعّط ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فجعل يستظل تحتها ، ووكّل الله به وعلا يشرب من لبنها. ثم يبست الشجرة فبكى عليها فأوحى الله تعالى إليه : تبكي على شجرة يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن أهلكهم؟ فخرج يونس فإذا هو بغلام يرعى فقال : من أنت؟ قال : من قوم يونس. قال : إذا رجعت إليهم فأخبرهم أنك لقيت يونس. فأخبرهم الغلام ، وردّ الله عليه صحّته ورجع إلى قومه فآمنوا به. وقيل : بل أرسل إلى قوم آخرين والله أعلم.
٩٩ ـ (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ ...) لو شاء : أراد الله تعالى الإيمان لكان إيمانا ملجأ إليه العبد ومجبرا. فلو أراد سبحانه لصدّق أهل الأرض (كُلُّهُمْ جَمِيعاً) يا محمّد ولكن لا ينفع الإيمان بالإكراه (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ) تجبرهم (حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) مع عدم قدرتك على ذلك وعدم جدواه ، ومع قدرتنا عليه؟ فلا ينبغي لك أن تكرههم على الإيمان. وقد أراد بذلك تسلية نبيّه (ص) عن عناد الكفرة من قريش وغيرهم ... ولفظة (كُلُّهُمْ) تأكيد ل (مَنْ). و (جَمِيعاً) نصب على الحال ، أي : مجموعين.
١٠٠ ـ (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ ...) أي ليس ميسورا لأحد أن يؤمن (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) تعالى ، بأن يطلق ذلك له ويمكّنه منه بما خلق له من الفهم والعقل والتبصّر والتدبّر. وقيل إن «الإذن» هنا هو العلم ، يعني أنه لا يؤمن أحد إلّا بعلمه أو بإعلامه له بفضل الإيمان وبما يبعثه إليه فيدخل في عباد الله المؤمنين (وَيَجْعَلُ) الله (الرِّجْسَ) : السّخط والقذر والعذاب ، يجعلها (عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) أي من لا يدركون ولا يعون الحقّ.
* * *
(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ