وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤))
٢٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) بعد الكلام عن الكافرين وعن العذاب المعدّ لهم في الآخرة ، نقل الكلام سبحانه إلى المؤمنين الّذين يقومون بطاعات ربّهم والائتمار بأوامره والانتهاء بنواهيه بدافع تصديقهم بالوحدانية وتصديقهم لرسول الله (ص) ثم ابتدأ الكلام ب (إِنَ) المؤكّدة على أن هؤلاء العباد الّذين عملوا بالواجبات (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي أنابوا إليه وخشعوا لعظمته واطمأنّوا لوعده (أُولئِكَ) الموصوفون هم (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) مرّ تفسيره.
٢٤ ـ (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ ...) يضرب سبحانه هنا مثلا للمؤمنين والكافرين ، أي أن فريق المسلمين هو (كالبصير والسميع) الشديد البصر والشديد السمع ، وفريق الكافرين (كَالْأَعْمى) الذي لا يبصر ولا يرى (وَالْأَصَمِ) الذي لا يسمع ولا يعي ، فالمؤمن يتمتع بحواسّ التمييز وينتفع بها ويستعملها في سبيل خيره فينقاد لأوامر الدّين ، بينما الكافر لا ينتفع بحواسه ولا يسخّرها لخيره حاله في ذلك حال من هو معدوم من حواسّه ، ف (هَلْ يَسْتَوِيانِ) أي هل يتساوى السامع المبصر مع الأعمى الأصمّ (مَثَلاً) في مقام التمثيل والتشبيه وبنظر العقلاء؟ لا ، وكذلك لا تتساوى حالتا المؤمن والكافر (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) يعني : ألا تتفكّرون بذلك لتجدوا الفرق بينهما؟
* * *
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦))