فغرّقهم الله ، وأنجى نوحا ومن معه في السفينة. فقلت : فكم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء فخرجوا منها؟ فقال : لبث فيها سبعة أيام بلياليها. فقلت : إن مسجد الكوفة لقديم؟ فقال : نعم ، هو مصلّى الأنبياء ، ولقد صلّى فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله حين أسري به إلى السماء ، قال له جبرائيل (ع) : يا محمد هذا مسجد أبيك آدم ومصلّى الأنبياء فانزل فصلّ فيه ، فنزل فصلّى فيه. ثم إن جبرائيل (ع) عرج به إلى السماء. وفي رواية ثانية أن السفينة بقيت على ظهر الماء مائة وخمسين يوما بلياليها. وقبيل فوران التنّور المذكور ، أو وجه الأرض كما قيل ، أو أعالي الجبال ، أو غضب الله (قُلْنَا) أي قال الله سبحانه وتعالى لنوح : (احْمِلْ فِيها) خذ معك في السفينة (مِنْ كُلٍ) من كل جنس من الحيوان (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى ، (وَ) احمل (أَهْلَكَ) أي أفراد عائلتك (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) أي من سبق أن وعدناه بالهلاك وهما امرأته واغلة وابنها كنعان (وَ) احمل أيضا (مَنْ آمَنَ) بك وصدّقك من غير أهلك ، وهم قلّة نوّه الله بها في إخباره عنهم قائلا : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) فقيل هم ثمانون ، وقيل أقل من ذلك ، ومن بينهم أولاده الثلاثة : سام وحام ويافث مع زوجاتهم ليجدّد الله تعالى بهم النسل بعد الطوفان ، فكان العرب والروم وفارس وأصناف العجم من ولد سام ، والسودان من ولد حام ، والتّرك والصينيون والصقالبة ويأجوج ومأجوج من ولد يافث.
٤١ ـ (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها ...) أي عند ما جاء أمر الله قال نوح عليهالسلام للمؤمنين معه : اركبوا في السفينة (بِسْمِ اللهِ) يكون (مَجْراها وَمُرْساها) أي ببركة الاسم العظيم الشريف يكون سيرها ووقوفها. والمعنى اركبوا فيها متبرّكين باسم ذي الجلال وذاكرين اسمه عند سيرها وإرسائها ليكون ذلك حافظا لها وموفّرا لنجاتها (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أي أن ذكره سبحانه طاعة والطاعة تجلب المغفرة والرحمة.
٤٢ ـ (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ ...) يعني أن السفينة كانت تسير بنوح عليهالسلام وبمن معه وسط أمواج الماء المتلاطمة التي كانت في