عظمتها بحجم الجبال. وهذا يدل على كثرة الأمواج وشدّتها (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) خاطب ولده كنعان الذي كان يظن أنه مسلم لأنهم رووا أنه اعتزل دينه القديم ، فقال له : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) اصعد في السفينة (وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) لتسلم من الغرق ، فقال ابنه الذي تبيّن أنه مصرّ على الكفر :
٤٣ ـ (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ ...) أي سأدخل إلى مأوى في أعلى الجبل يمنع عني الماء الذي غمر وجه الأرض ، ف (قالَ) نوح : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) لا مانع ولا دافع في هذا اليوم : يوم نزول العذاب (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) لا يعصم سوى من رحمهالله وشمله لطفه (وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) فصل الموج بين نوح وابنه (فَكانَ) أي فصار وأصبح ابن نوح (مِنَ الْمُغْرَقِينَ) الذين غمرهم الماء وحاقت بهم النقمة.
* * *
(وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤))
٤٤ ـ (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ...) أي جاء الأمر من جانب القدرة الإلهية أن يا أيها الأرض اشربي الماء الذي على سطحك والذي غمرك ليجفّ الطوفان الذي انفجرت به العيون. والبلع هو إجراء الشيء في الحلق إلى الجوف ، فيا أرض ابلعي الماء بأسرع وقت (وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) من الإقلاع الذي هو نزع الشيء من أصله وإذهابه ، ومعناه أن الله أمر السماء أن تنقطع عن المطر بسرعة وينقشع سحابها فورا (وَغِيضَ الْماءُ) أي انسرب في الأرض وذهب به إلى باطنها. ويقال إن الأرض ابتلعت الماء الذي فار من جوفها ، وأن ماء السماء صار بحارا كما في المرويّ عن أئمتنا عليهمالسلام (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) تمّ أمر إهلاك الكفار وفرغ منه وتمّت نجاة