عظمته ، ولذلك عقّب سبحانه بقوله : (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) : أي أدّوها وأظهروا إقامتها إذ لا هداية ولا إسلام إلّا بها فإنها عمود الدين (وَاتَّقُوهُ) والضمير هنا عائد لرب العالمين إذ التقوى واجبة بعد الإسلام وإقامة الصلاة ، ولا إيمان صحيحا بلا تقوى الله فهو الخالق الرازق الأمر بالحق (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي تجمعون يوم الحشر ليجازى كلّ عامل بعمله. ففي الخبر أن الناس مجزيّون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
٧٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) قد أشار سبحانه إلى ذلك ليبيّن عظمته لأنه خلقهما (بِالْحَقِ) أي على وفق الحكمة وفي أعلى مراتب النظام والدقة فكانا ، هما وما فيهما ، طبقا لقواعد طبيعية مستقرة جزءا وكلّا بقدرة غير ميسورة لسواه (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) فالمراد بكلمة : كن ، هو إرادته سبحانه ، فبمحض إرادته يحصل الإيجاد والانعدام دون الحاجة إلى التلفّظ بقول : كن. وهذا هو المعنى المناسب لذاته المقدّسة ، والقول إنما يحتاج إليه المرتاضون والأولياء المقرّبون والأنبياء العظام. والله سبحانه ساق الكلام مساق مفهوم العرف والعادة ليفهم عامة الناس. فوقوع قوله هذا سبحانه بعد ذكر خلق السماوات والأرض ، هو لأن خلقهما في ستة أيام ـ بضميمة ما بثّ فيهما ـ دليل على عظمته وقدرته التي تستطيع أن تقول للشيء كن من كتم العدم فيكون. وبالمناسبة نشير إلى أن الإيجاد يكون تدريجيا بحسب العرف والعادة ، ويكون أسهل في الحصول من الإعدام الذي يحتاج إلى زمان أيضا وخصوصا حين يتعلّق بإعدام الكائنات جميعها منذ بدء الخليقة إلى اليوم ، ومع ذلك فالله تعالى كما وصف نفسه يقول للشيء كن فيكون ، أي يريد فيكون ما يريد ، ولذا كان قوله هنا تفريعا لبيان إرادته ، صوّره سبحانه بلفظة : كن ، تقريبا لأذهاننا القاصرة.
أما قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُولُ ...) فنصب على الظرفية ، وقد أورده هنا لبيان قدرة من خلق السماوات والأرض وما فيهما.