منكم تعبّدا لله بالطاعة المؤدية للنجاة ، ولكيلا ينظر إلى بيته ومتاعه وماله حين سماع الهدّة وقت الخسف ونزول العذاب (إِلَّا امْرَأَتَكَ) نستثني خروجها معك لأنها على دين قومها. وقيل إنها مستثناة من الالتفات ، وقد خرجت معه وحين سمعت الوجبة التفتت وقالت : يا قوماه! فأصابها حجر فقتلها (إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) أي سيحلّ بها من العذاب ما يحلّ بهم (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) وقت إهلاكهم (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) أي أنه غير بعيد ـ فقد روي أنه لما أخبره الملائكة بهلاك قومه قال : أهلكوهم الساعة ، لضيق صدره بهم فقالوا : أليس الصبح بقريب تسلية له.
٨٢ ـ (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا ...) أي : فحين نزل أمرنا بإيقاع الهلاك ، وأوحينا به إلى الملائكة ، أو أنه حين قلنا (كُنْ) .. (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) قلبناها ، أعني القرية التي كانت تعمل الخبائث ، فإن الله تعالى أمر جبرائيل (ع) فأدخل جناحه تحت الأرض فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح الدّيكة ونباح الكلاب ، ثم قلبها ، ثم خسف بهم الأرض فهم يتلجلجون فيها إلى يوم القيامة (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً) أي أنزلنا على أهل القرى حجارة من السماء تغليظا لعقوبتهم. وقيل إنها كانت أربع قرى هي المؤتفكات : سدوم ، وعاموراء ، ودوما ، وصبوايم. وكانت سدوم أعظمها وكانت مسكن لوط عليهالسلام ، فقد أنزل سبحانه عليها حجارة (مِنْ سِجِّيلٍ) أي من طين الأرض الشديد الصلابة والجار والمجرور صفة للحجارة في موضع نصب ، أي : كائنة من سجيل. (مَنْضُودٍ) مرتّب الحروف والصقل ، قد نضّد بعضه إلى بعض حتى صار حجرا محدّدا في غاية القوّة والصلابة.
٨٣ ـ (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ ...) أي معلمة موسومة معدّة قد كتب على كل حجر اسم صاحبه ، فهي حجارة ذات سيماء لا تشبه حجارة الأرض موجودة (عِنْدَ رَبِّكَ) أي في علمه وخزائنه لا يملكها غيره (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) أي : وليست تلك الحجارة بعيدة عن أصابة الظالمين ولا