عليهم فماتوا ، فأوحى الله إليه : يا إبراهيم دعوتك مستجابة ، فلا تدع على عبادي فإني لو شئت أن أميتهم لدعائك ما خلقتهم ، فإني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف : صنف يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه ، وصنف يعبد غيري فليس يفوتني ، وصنف يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني ... وقد ذكرت هذه الروايات الثلاث تيمّنا من جهة ولمناسبتها للمقام من جهة ثانية ... والحاصل أن إبراهيم عليهالسلام أري ملكوت السماوات والأرض فاستسلم للتفكّر والتبتّل.
٧٦ ـ (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ...) أي أظلم وستره ظلامه ولازمته العتمة (رَأى كَوْكَباً ، قالَ هذا رَبِّي) يعني قال ذلك على سبيل المماشاة والمصانعة مع قومه ليتدرّج إلى رفض ذلك بالحجة فإن الأنبياء كلهم معصومون. وفي عيون أخبار الرضا عليهالسلام أن المأمون سأله فقال : يا ابن رسول الله أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى. قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي.) فقال الرضا عليهالسلام : إن إبراهيم وقع إلى ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزّهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشمس. وذلك حين خرج من السّرب الذي أخفته فيه أمّه ـ وسنتكلم عنه قريبا إن شاء الله ـ فلمّا جنّ عليه الليل رأى الزّهرة كوكبا ، قال : هذا ربي على الإنكار والاستخبار. فلما أفل قال : لا أحبّ الآفلين ، لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم. فلمّا رأى القمر بازغا أي طالعا ، قال هذا ربّي على الإنكار والاستخبار ، فلما أفل أي : غاب قال : لئن لم يهدني ربّي لأكوننّ من القوم الضالّين. فلمّا أصبح ورأى الشمس بازغة ـ قد شرعت بالشّروق ـ قال : هذا ربّي ، هذا أكبر من الزّهرة والقمر على الإنكار والاستخبار لا على الإخبار والإقرار ، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزّهرة والقمر والشمس : يا قوم ، إني بريء ممّا تشركون ، إنّي وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفا ، وما أنا من المشركين. وإنما أراد إبراهيم بما قال أن يبيّن لهم بطلان دينهم