ويثبت عندهم أن العبادة لخالقها ، خالق السماوات والأرض. وكان ما احتجّ به على قومه ممّا ألهمه الله وآتاه ، كما قال الله تعالى : وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ، نرفع درجات من نشاء. فقال المأمون : لله درّك يا ابن رسول الله.
وفي القمي عن الصادق عليهالسلام ، أن آزر أبا إبراهيم كان منجّما لنمرود بن كنعان ، فقال له : إني أرى في حساب النجوم أن في هذا الزمان يولد رجل ينسخ هذا الدّين ويدعو إلى دين آخر. فقال له نمرود : في أي بلاد يكون؟ قال : في هذه البلاد ، وكان منزل نمرود بكوثاريا. فقال له نمرود : قد خرج إلى الدنيا؟ قال آزر : لا. قال نمرود : فينبغي التفريق بين الرجال والنساء. وكانت أمّ إبراهيم حاملا بإبراهيم من آزر ولم يتبيّن حملها. فلمّا حان وقت ولادتها قالت : يا آزر إني قد اعتللت ـ أي مرضت ـ وإني سأعتزل عنك إذ كان من العادة في ذلك الزمان أن تعتزل المرأة عن زوجها إذا اعتلّت. فخرجت أمّ إبراهيم واعتزلت آزر وأوت إلى غار وضعت فيه إبراهيم عليهالسلام وهيّأته وقمّطته وسدّت عليه باب الغار بالحجارة خوفا عليه من الحيوانات ورجعت إلى منزلها. فأجرى الله تعالى لإبراهيم (ع) لبنا من إبهامه ، وكانت أمه تأتيه بين فترة وأخرى تتفقّد أحواله. وكان نمرود في تلك الآونة يؤتى بكل امرأة حامل فيذبح ولدها إذا وضعت ذكرا ولذا فرّت أم إبراهيم بمولودها خوف الذبح ، ثم صار إبراهيم عليهالسلام يشبّ في الغار في يوم كما يشبّ غيره في شهر حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة. فلمّا كان بعد ذلك زارته أمّه فلمّا أرادت أن تفارقه تشبّث بها فقال : يا أمي أخرجيني. فقالت : يا بنيّ إنّ الملك إن علم أنّك ولدت في هذا الزمان قتلك. فلمّا أخرجته من الغار ، وكانت الشمس قد غابت وخيّم الليل ، رأى الزّهرة والقمر وقال في نفسه ما ذكرناه سابقا ، وحين أصبح رأى الشمس ولاحظ ضوأها وإشراق الدّنيا بالنور منها فقال ما قال فكشط الله سبحانه له عن السموات حتى رأى العرش ومن عليه ، وأراه الله ملكوته في