السموات والأرض فأسلم ودان بالحنيفية. وقد سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن قول إبراهيم : هذا ربي ، أشرك؟ قال : من قال هذا فهو مشرك. ولم يكن إبراهيم مشركا. وكان هو في طلب ربّه وفي طلب الخالق تعالى.
٧٧ ـ (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً ...) أي شارعا ومبتدئا بالطّلوع (قالَ هذا رَبِّي) مستنكرا أن يكون هو المعبود (فَلَمَّا أَفَلَ) غرب وغاب (قالَ : لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يرشدني إلى الحق ويأخذ بيدي إلى سبيل الرشاد (لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) وبهذا القول أظهر عجز نفسه واستعان بربّه جلّ وعلا من أجل الوصول إلى الهدى إذ لا يتسنّى للإنسان أن يبلغ مآربه ويصل إلى أهدافه السامية إلّا بحوله سبحانه وقوّته حيث لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم. وفي قوله هذا تعريض بضلالة قومه بعبادتهم للأصنام التي يصنعونها بأيديهم.
٧٨ ـ (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي ...) فحين نظر الشمس بازغة : طالعة قال ذلك منكرا ومستنكرا. وقد ذكّر اسم الإشارة ـ هذا ـ صيانة للرب عن شبهة التأنيث ، ولم يقنعه كون الشمس أكبر من غيرها وإن كان قد ذكر كبرها لشبهة الخصم أو استدلالا لاستمالة الخصم (فَلَمَّا أَفَلَتْ) غابت وتوارت عن الأفق (قالَ : يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) أتبرأ من شرككم بالله وعبادتكم لأجرام مخلوقة محدثة.
٧٩ ـ (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً ...). إني التفتّ بوجهي وأقبلت بقلبي وجميع مشاعري إلى الله الذي فطر : أي خلق السماوات والأرض على ما هي عليه من موجودات وأنظمة ، حنيفا : مخلصا مائلا عمّا أنتم عليه من الوثنية (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بالله سبحانه إذ ليس كمثله شيء تبارك وتعالى. (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ
* * *