الكرام وتعهّده لهم ، بيّن أنه جلّ وعلا فضّل غيرهم أيضا من آبائهم وإخوانهم على أهل أزمنتهم ، وفضل من هم من ذرّياتهم بقوله : (وَاجْتَبَيْناهُمْ) أي اخترناهم واصطفيناهم (وَهَدَيْناهُمْ) دللّناهم على الحق وأرشدناهم (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) طريق الهدى والخير الواضحة.
٨٨ ـ (ذلِكَ هُدَى اللهِ ...) أي أن هذه الإنعامات على النبيّ إبراهيم وذرّيته من الأنبياء عليهمالسلام هي منه سبحانه ومن هداه الذي يمنحه لعباده الصالحين و (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) أي من يريد وفق اختياره (مِنْ عِبادِهِ) الخيّرين ، ممّن يعلمه أهلا للهدى والاصطفاء. ثم صرّح في الجزء الثاني من هذه الشريفة بالشرط الهامّ الذي يديم عليهم هداه ونعمته وفضله بقوله (وَلَوْ أَشْرَكُوا) وعدّوا معي من لا يماثلني «مع فضلهم وعلوّ شأنهم» (لَحَبِطَ عَنْهُمْ) أي فسد وتلف وقلّت قيمة (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) على أساس الشّرك ، وكانوا كغيرهم من البشر غير المنتجبين.
٨٩ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ ...) المراد بالكتاب الجنس ، يعني أنه أعطى وآتى كلّ واحد منهم كتابا فيه بيان أوامره ونواهيه ، ومنحه (الْحُكْمَ) أي الحكمة أو الفصل بين الناس بالحق ، وأعطاه (النُّبُوَّةَ) في زمانه (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها) أي إذا أنكر هذه الثلاثة الأشياء التي منحناك إياها يا محمد ، وهي : الكتاب ، والحكم ، والنبوّة (هؤُلاءِ) أي أهل مكة أو خصوص قريش من أهل مكة (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها) أي منحنا التفويض في الإيمان بها (قَوْماً) من غير هؤلاء المعاندين (لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) لا ينكرونها ولا يرفضونها لك. والباء في : بكافرين ، زائدة. وفي المحاسن عن الصادق عليهالسلام : أي قوما يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويذكرون الله كثيرا.
٩٠ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ ...) المفعول لهدى في هذه الجملة