محذوف بقرينة المقام أي : هدى «هم» الله ، والمراد ب ـ : هم ، الأنبياء المتقدّم ذكرهم. والمعنى أن من ذكرناهم من الأنبياء هم الّذين هداهم الله (فَبِهُداهُمُ) أي بطريقتهم التي توافقوا عليها من التوحيد والصّبر على الأذى وتحمّل المشاقّ في التبليغ (اقْتَدِهْ) فعل أمر : اقتد ، أي اجعل لنفسك قدوة ، والهاء للوقف ، ويقال لها هاء السّكت والصّمت ، ولذا حذفها حمزة والكسائي وصلا ، وأثبتها الباقون من القرّاء. والحاصل أنه ليس أحسن من إتّباع طريق الأنبياء الأصفياء للإنسان المسلم الكيّس ، ولا أشرف من الاقتداء بهم ولا أفضل من ذلك .. (قُلْ) يا محمد للناس : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي جعلا وأجرة على تبليغ الرسالة وبيان أحكام القرآن ، ولا أطلب منكم جزاء أتعابي وجهادي في سبيل تشييد الدين الإسلامي ، وما كان ذلك منّي إلّا خالصا لله سبحانه وتعالى ، كما لم يسأل الأنبياء قبلي (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) أي أن تبليغي تذكير للناس ، بل عظة للثّقلين من الإنس والجن.
* * *
(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (٩١) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩٢) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ