وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤))
٩١ ـ (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...) الضمير في : قدروا ، عائد لليهود ، فقد نفى سبحانه عنهم معرفته ، وعدم كونهم يقدّرونه قدره اللازم ، لأنهم جهلوا رحمته وفضله وإنعامه (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) حين أنكروا بعثة الرّسل والوحي ، مع أن رسالات الأنبياء من أعظم نعمه وأجلّ ألطافه على عباده في بلاده. فلهؤلاء المنكرين (قُلْ) يا محمد : (مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى؟) كلمة : من ، اسم استفهام. فكيف تنكرون فضله ولا تقدّرونه قدره ، وقد جعل ذلك الكتاب (نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ؟) والنور هو الإضاءة التي من لوازمها أن تهدي الناس في طريقهم وتجنّبهم الضلالة لأنها تكشف لهم حقيقة ما في الطريق. ووقوع الهدى بعد النور يمكن أن يقال أنه عطف بيان. وحاصل المعنى أن منزل التوراة هل يكون غيره تعالى؟ وإذا وجدوا غيره فليجيئوا به حتى نرى. وإذ لم يجيئوا به علم أنّ المنزل لا يكون إلّا هو تعالى. فما بالكم أيها اليهود تأتون إلى كتابكم فتجزّئونه و (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ؟) جمع قرطاس وهو الورقة. وفي الجملة توبيخ لهم على جعل كتابهم أوراقا متفرّقة يفصلون بعضها عن بعض حسب هواهم. فما لكم ما أعجبكم من هذه القراطيس (تُبْدُونَها) أي تظهرونها (وَتُخْفُونَ كَثِيراً) ممّا حوى صفات