محمد صلىاللهعليهوآله ونعته ، تفعلون ذلك حسب شهواتكم (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) أي أنكم أيها اليهود تفعلون ذلك في حال أنكم ـ بفضل القرآن وما فيه من بيان ـ قد عرفتهم الكثير مما كنتم تجهلونه ويجهله آباؤكم إذ تسنّى لكم أن تدركوا عهد بعثة هذا النبيّ الكريم ، وأن تطّلعوا على صفاته في توراتكم ، ف ـ (قُلْ) يا محمّد لهم قبل أن يجيبوا على سؤالك : أنزلها (اللهَ) تعالى (ثُمَّ ذَرْهُمْ) دعهم واتركهم (فِي خَوْضِهِمْ) باطلهم وهزلهم ولعبهم (يَلْعَبُونَ) ويلهون عابثين بفعل أهوائهم الضالّة المضلّة. وجملة : يلعبون حال من الضمير في : ذرهم ، ويحتمل كونه حالا من خوضهم كما صرّح القمي ، أي في ما خاضوا فيه من التكذيب.
٩٢ ـ (هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ ، مُبارَكٌ ...) هذا : يشير به إلى القرآن الكريم ، نعته بالبركة لكثرة نفعه وجليل فائدته ، فهو (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي موافق ومكرّس لصدق ما نزل قبله من الكتب السماويّة ، جعلناه لك كذلك لتصديق الدّعوات الربّانية التي سبقته (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) أي : لتحذّر وتخوّف من العقاب أمّ القرى : مكة التي سمّيت كذلك لأنها دحيت الأرض من تحتها فكأنها تولّدت منها. والقمي قال : سمّيت أمّ القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض. فالقرآن أنزلناه عليك لإنذار أهل مكة (وَمَنْ حَوْلَها) يعني أهل الشرق والغرب والجهات الأخرى ، لا من هم في ضواحيها فقط (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ويصدّقون بالبعث والحساب (يُؤْمِنُونَ بِهِ) يصدّقون بهذا الكتاب الكريم (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) أي أنهم يداومون على صلاتهم وسائر عباداتهم لأنهم يخافون العاقبة ، وهم «على الدوام» يتفكّرون ويتدبّرون ، وينظرون في حوادث الكون ويؤمنون بموجد العالم ومدبّره. وقد ذكر الصّلاة دون سائر عباداتهم وطاعاتهم لأنها عماد الطاعات وأعظم العبادات ولا يقبل عمل إلّا بها على ما في المرويّ بين سائر فرق الشيعة والسنّة.
٩٣ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ...) أي لا أحد أظلم ممّن