يدّعي النبوّة افتراء على الله. والافتراء هو ادّعاء أمر غير واقع. فليس أظلم لنفسه ممّن كذب على الناس وادّعى نزول الوحي عليه ، كما فعل مسيلمة الكذّاب في اليمامة. وعلى قول «كما في الكافي والعياشي عن أحدهما عليهماالسلام» أنها نزلت في ابن أبي سرح الذي استعمله عثمان على مضر ، وكان أخاه من الرضاعة ، أسلم وقدم المدينة وكان له خطّ حسن ، فكان إذا نزل الوحي على رسول الله صلىاللهعليهوآله دعاه فكتب ما يمليه رسول الله عليه ، وكان إذا قال الرسول (ص) : سميع بصير ، يكتب : سميع عليم ، وإذا قال (ص) : والله بما تعملون خبير ، يكتب : بصير ، ثم لا يفرّق بين التاء والياء ، وأخيرا ارتدّ ورجع إلى مكة كافرا ، ولمّا فتح النبيّ صلىاللهعليهوآله مكة هدر دمه ، فجاء به عثمان وقال : يا رسول الله اعف عنه ، فسكت. ثم أعاد عثمان ، فسكت النبيّ (ص) وفي المرّة الثالثة قال صلىاللهعليهوآله : هو لك. فلمّا مرّ قال رسول الله (ص) لأصحابه : ألم أقل : من رآه فليقتله؟ فقال رجل من الصحابة : كانت عيني إليك أن تشير إليّ فأقتله. فقال (ص) : إن الأنبياء لا يقتلون بالإشارة ، فكان من الطّلقاء على كل حال.
والحاصل أنه ليس أظلم ممّن ادّعى النبوّة كذبا (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ، وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) وهذا كلّه بيان لحال من يدّعي ذلك ، وقيل إنها كلها في ابن أبي سرح ، وهي تكرار لما كان يقوله ويذيعه بين أترابه ... (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) أي : ليتك يا محمد ، أو يا من يسمع قولنا ، تنظر إلى الظالمين وهم يعالجون سكرات الموت ويذوقون شدائدها المنكرة أعاذنا الله تعالى منها وأجارنا من آلامها ومشقّاتها ، فإنها لا تكون إلا لمنكري الوحدانية والنبوّة ، والإمامة ، وللمكذّبين بالرّسل ، يعانون تلك الشدائد الصعبة (وَالْمَلائِكَةُ) من حولهم أثناء النّزع والاحتضار (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) أي قد مدّوا أيديهم لقبض أرواحهم وقالوا لهم : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) أي زيادة في عنفهم عليهم يخاطبونهم قائلين : أعطونا أرواحكم «وهذا تكليف