المثمرة بأنواعها جلّت قدرته وعظمته. بل يفعل أعظم من ذلك لأنه (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) أي الحيوان من النّطفة ، وهو (مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) كخروج البيضة من الدجاجة. وبقوله سبحانه وتعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) ، عطف اسم الفاعل ـ مخرج ـ على الفعل المضارع ـ يخرج ـ وقرّر علماء الأدب التوافق بين الجملتين لأن ورود هذه الصيغة في الوحي المنزل حجة لا ردّ لها لأن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال والاستقبال يعمل عمل فعله. فكلّ حكم يترتّب على فعله يترتّب عليه ، وكما يجوز عطف الفعل على الفعل ، يجوز عطف اسم الفاعل على فعله لأنه بحكم فعله ويعامل معه معاملة فعله. وقد قال البيضاوي : ومخرج : عطف على فالق الحبّ والنوى ، ويخرج : بيان لفالق الحب.
فصاحب هذه القدرة (ذلِكُمُ اللهُ) هو الإله المستحقّ للتّأليه والعبادة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي إلى أين تنصرفون وتدبرون عنه إلى غيره.
٩٦ ـ (فالِقُ الْإِصْباحِ ...) يقال في اللّغة : فلقه ، وفرقه ، وفتقه بمعنى واحد ، أي شقّه وأبان عنه. والإصباح مصدر سمّي به الصّبح. ومعنى ذلك أنه تعالى أخرج عمود الصّبح وأبان النور من ظلمات الليل (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) أي سكونا فيه للناس يستراح فيه على ما هو الغالب ، إذ قد يسكن الإنسان في النهار ، وقد ينام ، فلا ينحصر ذلك فيه إلّا في الأعمّ الأغلب. وفي الكافي عن الباقر عليهالسلام : تزوّج بالليل فإنه ظلمة. وفي الكافي أيضا : أن علي بن الحسين عليهالسلام كان يأمر غلمانه أن لا يذبحوا حتى يطلع الفجر ويقول : إن الله جعل الليل سكنا لكلّ شيء وقرأ الآية الكريمة. فقد جعله الله تعالى «منذ جعله» سكنا وَجعل (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً) أي لحساب الأوقات في النهار والليل. وحسبانا قد تعتبر مفعولا به ، وقد تعتبر حالا عن مقدّر أي : يجريان بحساب معلوم عنده سبحانه وتعالى (ذلِكَ) أي ما ذكر (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي جريان تلك الأمور السماوية على مجاريها كانت بتقدير قادر