قاهر دقيق العلم بها وبغيرها.
٩٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ...) قد ذكر سبحانه النجوم لأنها أعمّ من القمر ولأنها كثيرة العدد ، ولأنها تنوب عنه في غيابه عن الأفق ، وبينها نجوم أكثر نورا وأكبر حجما منه ومن الشمس ، بل فيها شموس لا تقاس بها شمسنا المعروفة فهي جديرة بالذّكر لهاتين الجهتين ولغيرهما لأنها خلقت لتهتدوا بها في أسفاركم في البلاد ، وفي تعيين الجهات ومعرفة أوقات الليل بواسطة النجوم السيارة منها ، وفي غير ذلك مما تحتاجون إليه أثناء سيركم في البر والبحر. قال البلخي : ليس في قوله : لتهتدوا بها ، ما يدل على أنها لم تخلق لغير ذلك ، بل خلقها سبحانه لأمور جليلة عظيمة. ومن فكّر في صغر الصغير منها وكبر الكبير ، وفي اختلاف مواقعها ومجاريها واختلاف سيرها وظهور منافعها في نشوء الحيوان والنّبات ، علم أن الأمر كذلك (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) أي بينّاها وأظهرناها ، وهي آيات القرآن أو الآيات المذكورة في عالم الكون وواقعه ، بينّا ذلك (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) لأنهم أهل لذلك ويستحقّون العناية لتثبيتهم على علمهم وإيمانهم.
٩٨ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ...) أنشأكم : أي أوجدكم من نفس واحدة هي نفس آدم عليهالسلام لأنه كان في أول الأمر ولم يكن من جنسه معه أحد ... (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) أي هناك محلّ تستقرّون فيه ، ومحلّ نودعكم إياه. وفي العياشي عن الباقر عليهالسلام أنه قال لأبي بصير حين سأله عن هذه الآية : ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه؟ قال : يقولون : مستقرّ في الرّحم ، ومستودع في الصّلب. فقال : كذبوا. المستقرّ من استقرّ الإيمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا ، والمستودع الذي يستودع الإيمان زمانا ثم سلبه ، وقد كان الزبير منهم. ووجه تكذيبه عليهالسلام لما قاله أهل بلد صاحبه أبي بصير واضح لأن استقرار النّطفة وعدمه سواء كانت في الرّحم أو في الصّلب ليس استقرارا زمانيّا تصح تسميته بالاستقرار وخصوصا حين تصير النّطفة في رحم الأمم فإنها تصبح