(وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ) أي كذبوا واصطنعوا من عندهم بنين وبنات لله تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، وهم المشركون المنافقون الذين قالوا مرة إن الملائكة بنات الله ، كما قال اليهود عزير ابن الله ، وكما قال النصارى المسيح ابن الله جهلا وعنادا ، لأنهم قالوا ذلك (بِغَيْرِ عِلْمٍ) ولا يقين يثبت دعاواهم الباطلة (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) أي عزّ وسما عن وصفه أبا لهؤلاء أو هؤلاء وعن أن يكون له ولد لأنه لم يتّخذ صاحبة ولا ولدا ولم يلد ولم يولد.
١٠١ ـ (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) في المجمع عن الباقر عليهالسلام : هو مبدعهما ومنشؤهما بعلمه ابتداء لا من شيء ولا على مثال سبق. وهذا البيان أحسن البيانات في كشف القناع عن المعضلات. وقيل لا نظير له في خلقهما عن لا شيء ، ولا يتأتّى لمخترع أن يصنع مثلهما (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) فكيف ومن أين يكون له ولد (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) إذ مقتضى عالم التكوين أن لا يتكوّن الولد من إنسان أو غير إنسان بلا صاحبة أي زوجة تصاحب الزّوج ، وقد جلّ سبحانه عن الصاحبة والشريك والندّ ، وهو غنيّ قد برأ الكائنات (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ولفظة : كلّ ، هي هنا اسم موضوع للاستغراق إذ يشمل أصنافا متعدّدة ، ويشمل جميع أجزاء الواحد. فقوله تعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) يعني : خلق كلّ ما صدق عليه الشيء المخلوق من الذرّة إلى الدّرة إلى عالم الأحياء بالمجرّات وغيرها في سائر العوالم كليّا أو جزئيّا لا يستثني موجود ولا كائن من الكائنات ، وهو عليم : عارف تمام المعرفة بها جميعها.
١٠٢ ـ (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ ...) ذلكم : يعني هذا الموصوف بما سبق. ولفظة : ذلكم ، مبتدأ خبره جملة : (اللهُ رَبُّكُمْ) التي هي كما ترى مبتدأ وخبر في محل رفع على أنها خبر لذلكم. والمعنى أن الموصوف بما سبق في الآية الكريمة الماضية هو الله الذي (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا ربّ سواه ، لأنه (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) أي : بارئه وصانعه وواهبه الوجود ، وهو