حكم وكل شرع ، وكل آية ورواية لأنه منزل من عند ربّك الذي (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أي لا مغيّر لها لأنها باقية على أصلها التي صدرت عليه عنه تعالى ، وحصلت بمشيئته تبارك اسمه. وربّما كان المراد بالكلمة الحجج والأحكام ، والله أعلم بما قال : وقد قرأ الكوفيون صدر الآيات بالجمع : وتمّت كلمات ربّك ... وللكلمات إطلاقات كثيرة في مقامات متعددة تختلف باختلاف الموارد ، فقد عبّر بالكلمة عن الإمامة في قوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، وهي في عقب سبطه الحسين عليهالسلام ، وليس لأحد أن يقول بعد هذا الجعل لم كانت كذلك ، لأنه سبحانه الحكيم الذي لا يسأل عمّا يفعل. ثم عبّر بالكلمة عن المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام : وكلمة الله ، وسمّى : لا اله إلّا الله محمد رسول الله : كلمة التوحيد والتقوى (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي يسمع ما يقول هؤلاء وغيرهم ويعلم أعمالهم ، ويطّلع على ما يضمرونه.
وبالمناسبة نذكر أنه قد جاء في الكافي عن الصادق عليهالسلام : أن الإمام يسمع في بطن أمّه ، فاذا ولد خطّ بين عينيه : وتمّت كلمة ربّك صدقا وعدلا ... فإذا صار الأمر إليه يجعل الله له عمودا من نور يبصر به ما يعمل أهل كلّ بلدة ، فبهذا يحتجّ الله على خلقه. وقد ورد في القمي والعياشي ما هو قريب منه.
١١٦ ـ (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ...) المراد بالأكثر الكفرة حيث إنهم هم أكثر من المؤمنين في كل عصر. ولعل الوجه في ذمّ الأكثر هو هذا. فقد جاء في الآيات الكريمة أن أكثر الناس ... لا يعقلون ، لا يعلمون ، لا يفقهون. وهنا قد نهى الله سبحانه النبيّ (ص) عن إطاعة الأكثر وقال له : لأنهم يضلّونك عن طريق الحق وعن الدّين الذي اختاره لك. فإن أكثر الناس وراء شهواتهم وأهوائهم ، ونبيّ الله لا بدّ وأن يكون مخالفا للهوى والشهوات. وهذا يفيد أن لا عبرة بالكثرة في مجال الحق ، بل العبرة بالحجة وبالبرهان القاطع. وأكثر من في الأرض زمن النبي صلىاللهعليهوآله (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) كمثل