السماوية ، ينفر من تقلّبها وإذا أمر بالإيمان كأنما أمر بالصعود إلى السماء وبتحمّل مشقّة ذلك الصعود ، يعني كأنّما أمر بما لا يستطيعه ولا يقدر عليه. وقد قرأ نافع وأبو بكر لفظة : حرجا ، بالكسر ، وقرأها الباقون بالفتح. وتشديد لفظة : يصّعّد لبيان أن الأمر بغاية الصعوبة ، وليدلّ على أن الإيمان لا يدخل في مثل ذلك القلب القاسي أبدا ، حاله في ذلك حال من يتصوّر الصعود إلى السماء بما فيه من مشقّة وتعب (كَذلِكَ) أي في مثل هذه الحالة (يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ) أي الشكّ كما في العياشي عن الإمام الصادق عليهالسلام. أما في الكافي فروي عنه عليهالسلام أن القلب يتخلخل في الجوف لطلب الحق ، فإذا أصابه اطمأنّ به وقرّ. فالله سبحانه يدع الشك الذي عبّر عنه بالرّجس لأنه رجس وفسق وكفور يسيطر (عَلَى) قلوب (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ويبقون في صفوف المكذّبين الكافرين.
١٢٦ ـ (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً ...) أي أن الإسلام وما أنت عليه مما أمرنا به يا محمد هو الطريق الذي سنّة الله مستقيما : لا اعوجاج فيه ، وعن القمي : طريقا واضحا (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) أي أقمناها بيّنة ، وأوردنا لها الحجج والبراهين الكافية الوافية الدالّة على صحة الإسلام ، وجعلناها في منتهى الوضوح (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أي للجماعة التي تريد أن تتّعظ بها وتنتفع بما فيها وترغب في سلوك طريق الهدى والدّين.
١٢٧ ـ (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...) أي دار السلامة ، وهي دار الله التي أعدّها للمؤمنين الصالحين ، وهي الجنّة المعدّة عند ربّهم : أي في ضمانه وعهدته لأنهم واردون عليه بأمره عزوجل (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) أي المتولّي لأمورهم بحيث تكون سائر تصرفاتهم تحت نظره كما يكون الوليّ للقاصرين يتعهد شؤونهم ويلاحظ مصالحهم ، والوليّ هو الناصر أيضا (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي بسبب أعمالهم الصالحة في الدّنيا كان ولياّ لهم وموكّلا بشؤونهم في الآخرة.
* * *