ولعلّه لذلك قيل لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) فأجاب بوجود الإيمان بالأصل ، وأنّ السؤال للحصول على الأسباب الأصليّة ليحصل العلم بالحقيقة ، حيث قال : (بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي).
فأجابه سبحانه أن قال له : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) بضمّ الصاد بمعنى الضمّ والجمع. وقرئ بالكسر ؛ يعني اضممهنّ إليك لتعرف شأنها فلا تشتبه عليك (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) بقتلهنّ وتخليط أجزائهنّ ثمّ تفريقهنّ أجزاءا ، وهذه هي العلل المادّية (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً) وفيه بقيّة العلل ، ولم تكن الدعوة لمعدوم ولا لموهوم ، وهو ظاهر ، فعند ذلك تمّ له العلم بحقيقة الأمر بتمامها بمشاهدة تمام العلل ، وقد أفاد بعين هذه الإفادة تمام العلّة العالية بقوله : (وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
وفي المعاني عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في حديث قال : «وهذه آية متشابهة ، ومعناها : أنّه سأل عن الكيفيّة ، والكيفيّة من فعل الله ـ عزوجل ـ ، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ، ولا عرض في توحيده نقص ...» (١) الحديث.
وفي تفسير العيّاشي عن عليّ بن أسباط : «إنّ أبا الحسن الرضا ـ عليهالسلام ـ سئل عن قول الله : (قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أكان في قلبه شكّ؟ قال : لا ، ولكن أراد من الله الزيادة ...» (٢) الحديث.
وفي تفسير القمّي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : «إنّ إبراهيم نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البرّ وسباع البحر ، ثمّ يثب (٣) السباع بعضها
__________________
(١). معاني الأخبار : ١٢٧ ، الحديث : ١.
(٢). تفسير العيّاشي ١ : ١٤٣ ، الحديث : ٤٧٢.
(٣). في المصدر : «تحمل»