الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)]
قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ...)
الآيتان في أحكام الدّين والبيع والشهادة والرهن ؛ ممّا يقرب من ثلاثين حكما ، وقد تكاثرت الأخبار فيها ، وهي مستغنية عن الشرح.
قوله سبحانه : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)
مناسبتها مع ما قبلها ظاهرة ؛ فإنّ الملكيّة ـ كما عرفت سابقا ـ ملاك العلم الفعلي ، وقد أنذر الله سبحانه به كاتمي الشهادة في ذيل الآيتين السابقتين ، كما أنّها ملاك الحساب.
وقوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)
أشدّ آية وأثقلها في الحساب ، وسيجيء بيان أنّه ترتّب النتائج على الأعمال من حيث انسياقها إلى السعادة والشقاوة ، والوجدان يساعد على هذا البيان ، فكلّ خاطر نفسانيّ ـ في خير أو شرّ ـ يستتبع من جنسه ما يناسبه ، ويرسم في النفس رسما وهيئة على شاكلته ، والآخرة على وزان الاولى ؛ قال سبحانه : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (١) (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٢) وفي نهج البلاغة : «وبما في الصدور تجازى العباد». (٣)
__________________
(١). طه (٢٠) : ١٢٣.
(٢). الإسراء (١٧) : ٧٢.
(٣). نهج البلاغة : الخطبة : ٧٥.