أيديهم وتمييز الصحيح منه من الفاسد ، وقد أقرّه لهم بإسناده إلى نفسه على ما يليق بحضرته ، كما قال : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) ، (١) وقال : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ) (٢) ففيه إثبات الملك وإبانة أنّه بالعرض بنحو التخويل والاستخلاف.
ومن الملك : ما هو عند الناس ملك بالاستيلاء من غير تصديقه من ناحية الشرائع والنواميس الإلهيّة ، وقد أسنده الله إلى نفسه تعالى بمعنى الاستيلاء والسلطة للفتنة لا بمعنى الملك والرزق ، كقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) ـ إلى أن قال ـ : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، (٣) وقوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) ، (٤) وقوله : (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) ، (٥) وقوله : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ). (٦)
والعزّة فيما مرّ كالملك ، فمنها : ما هي حقيقيّة ، ومنها : ما هي اعتباريّة عقلائيّة ، ومنها ما هي وهميّة جائرة ، قال سبحانه : (أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) ، (٧) وقال :
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ٧.
(٢). الأنعام (٦) : ٩٤.
(٣). البقرة (٢) : ٢٥٨.
(٤). آل عمران (٣) : ١٧٨.
(٥). يونس (١٠) : ٨٨.
(٦). التوبة (٩) : ٥٥.
(٧). البقرة (٢) : ٢٠٩.