وتركوا كثيرا من شرايعهم وحرّفوا كثيرا. (١)
أقول : وهو تفسير بالمعنى الأوّل.
وفي المجمع أيضا عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : إنّ الله أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبيّنا أن يخبروا اممهم بمبعثه ونعته ويبشّروهم به ويأمروهم بتصديقه. (٢)
أقول : وفي معناه بعض اخبار اخر ، (٣) وهو تفسير بالمعنى الثاني.
والتأمّل في الآية وما مرّ من مؤيّدات كلّ من المعنيين يعطي أن يكون هذا الميثاق ، ميثاقا واحدا مأخوذا على الأنبياء واممهم جميعا أن لا يفرّقوا بين الرسل ويؤمنوا باللاحق من الأنبياء المصدّق لمن سبقه منهم ، كما يؤيّده قوله بعد : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) وقوله : (قُلْ آمَنَّا) حيث أمر النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ أن يؤمن
__________________
(١). مجمع البيان ٢ : ٧٨٤ ؛ تفسير جوامع الجامع ١ : ٣٠٣.
(٢). مجمع البيان ٢ : ٧٨٤.
(٣). وهنا عدة روايات رواها القمّي والعيّاشي وغيرهما وفيها (لَتُؤْمِنُنَ) برسول الله (وَلَيَنْصُرَنَ) أمير المؤمنين ، وظاهرها التفسير بإرجاع أول الضميرين إلى رسول الله وثانيهما إلى أمير المؤمنين من غير دليل دالّ ، لكن فيما رواه العياشي ما رواه عن سلام بن المستنير ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «لقد تسمّوا باسم ، ما سمّى الله به أحدا إلّا علّي بن أبي طالب وما جاء تأويله» ، قلت : جعلت فداك متى يجيء تأويله؟ قال : «إذا جاء جمع الله أمامه النبيين والمؤمنين حتّى ينصروه وهو قول الله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ـ الى قوله ـ : (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)» الحديث.
فيهون الأمر حينئذ ، إذ الإشكال إنّما يرد لو كانت من قبيل التفسير ، وأمّا التأويل وقد عرفت معناه فيما مرّ ، فلا ارتباط له باللفظ. «منه ـ رحمهالله ـ». [تفسير العيّاشي ١ : ١٨٠ ، الحديث : ٧٣ ؛ تفسير القمي ١ : ١٠٦ و ١ : ٢٤٦ و ٢٤٧ ؛ المسائل السروية : ٤١].