فقلت : أخبرني عمّن قتل ، أمات؟ قال : «لا ، الموت موت (١) والقتل قتل» ، قلت : ما أحد يقتل إلّا وقد مات؟ فقال : «قول الله أصدق من قولك ، فرّق بينهما في القرآن فقال : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) ، وقال : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) ، (٢) وليس كما قلت يا زرارة ، الموت موت والقتل قتل». قلت : فإنّ الله يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ، (٣) قال : «من قتل لم يذق الموت ، ثمّ قال : لابدّ من أن يرجع حتّى يذوق الموت». (٤)
أقول : وفي هذا المضمون روايات اخر ، وقد استفيد فيها المباينة بينهما من التفرقة الواقعة في كلامه : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) وقوله : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ) ، ولو كان بينهما العموم والخصوص مطلقا ، كان ذكر القتل بعد الموت مستهجنا ، فالمراد بالموت ما كان حتف الأنف من غير وقوع القتل ، فحينئذ يتضادّان ، وقوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ، يقضي بعموم الموت لكلّ نفس حتّى المقتول فينتج أنّ المقتول سيرجع فيموت.
نعم ، يبقى عليه ما يمكن أن يقال : إنّ الموت ضدّ الحياة ، قال تعالى : (وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً) ، (٥) وقال : (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) ، (٦) والقتل قطع الحياة بسبب فجائي ، فالموت إذا اطلق وحده ، كان أعمّ والمراد به ضدّ الحياة ،
__________________
(١). في الاصل «الموت» والصحيح ما أثبتناه في المتن.
(٢). آل عمران (٣) : ١٥٨.
(٣). آل عمران (٣) : ١٨٥.
(٤). تفسير العيّاشي ١ : ٢٠٢ ، الحديث : ١٦٠ ؛ مختصر البصائر : ٩٢ ، الحديث : ٦١ ؛ الايقاظ من الهجعة : ٢٥٧ ، الحديث : ٨٠.
(٥). الفرقان (٢٥) : ٣.
(٦). الروم (٣٠) : ١٩.