ترك الزكاة لهلكوا ، وإنّ الله ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لا يحجّ ، ولو اجتمعوا على ترك الحجّ لهلكوا ، وهو قول الله ـ عزوجل ـ : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) فو الله ما نزلت إلّا فيكم ولا عنى بها غيركم». (١)
أقول : مدار الأمر على المراد بفساد الأرض ، فليس على حقيقته ؛ إذ الأرض لا تفسد نفسها ، وإنّما المراد فسادها من حيث أهلها : إمّا فسادها بهلاك أهلها ببليّة عامّة وسخط إلهيّ شامل ، فيكون إنّما دفع بعض عن أن يشمله الهلاك بسبب صلاح بعض ، وإمّا فسادها بسبب فساد نظام الدين أو نظام العيش ، فيكون إنّما دفع بعض الناس من مفسدي النظام بسبب بعض آخر من المفسدين أو المصلحين.
وفي قوله تعالى : (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) إطلاق يشمل الجميع ، ولا يستلزم ذلك كون قوله : (بَعْضَهُمْ) مفعولا للدفع ومنصوبا بنزع الخافض معا ؛ فإنّه كما يصحّ أن يعتبر البلاء مدفوعا عن الناس ، كذلك يصحّ أن يعتبر الناس مدفوعين عن البلاء ، فافهم.
وقد ورد هذا المعنى عن عليّ ـ عليهالسلام ـ رواه الطبرسي في المجمع. (٢)
*
__________________
(١). الكافي ٢ : ٤٥١ ، الحديث : ١ ؛ تفسير العيّاشي ١ : ١٣٥ ، الحديث : ٤٤٦.
(٢). مجمع البيان ٢ : ١٥٢.