والإيجاز الخالى من الحذف ثلاثة أقسام :
أحدها : إيجاز القصر ، وهو أن تقصر اللفظ على معناه كقوله : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) إلى قوله : (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) جمع فى أحرف العنوان والكتاب والحاجة.
الثانى : إيجاز التقدير ، وهو أن يقدر معنى زائد على المنطوق ، ويسمى بالتضييق أيضا لأنه نقص من كلام ما صار لفظه أضيق من قدر معناه نحو : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ) أى خطاياه غفرت فهى له لا عليه.
الثالث : الإيجاز الجامع ، وهو أن يحتوى اللفظ على معان متعددة نحو : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) الآية ، فإن العدل هو الصراط المستقيم المتوسط بين طرفى الإفراط والتفريط المومى به إلى جميع الواجبات فى الاعتقاد والأخلاق والعبودية. والإحسان هو الإخلاص فى واجبات العبودية لتفسيره فى الحديث بقوله : «أن تعبد الله كأنك تراه» أى تعبده مخلصا فى نيتك وواقفا فى الخضوع آخذا أهبة الحذر إلى ما لا يحصى : (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) هو الزيادة على الواجب من النوافل.
هذا في الأوامر ، وأما النواهى فالفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية ، وبالمنكر إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أو كل محرّم شرعا ، وبالبغى إلى الاستعلاء الفائض عن الوهمية. ولهذا قيل : ما في القرآن آية أجمع للخير والشرّ من هذه الآية.
ومن بديع الإيجاز قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) إلى آخرها ، فإنه نهاية التنزيه ، وقد تضمنت الردّ على نحو أربعين فرقة.
وقوله : (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) دلّ بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام من الشى؟؟؟ والشجر والحب والثمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح ، لأن النار من العيدان والملح من الماء.
وأجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل بمثل هذه الآية بعد أن فتشوا جميع كلام العرب والعجم فلم يجدوا مثلها.