٦
نفى السجع من القرآن
الرأى المجمع عليه نفى السجع من القرآن. وذهب بعضهم إلى إثبات السجع فى القرآن ، وزعموا أن ذلك مما يبين به فضل الكلام ، وأنه من الأجناس التى يقع بها التفاضل فى البيان والفصاحة ، كالتجنيس والالتفات وما أشبه ذلك من الوجوه التى يعرف بها الفصاحة.
وأقوى ما يستدلون به عليه اتفاق الكل على أن موسى أفضل من هارون عليهماالسلام ، ولمكان السجع قيل فى موضع : هارون وموسى.
ولما كانت الفواصل فى موضع آخر بالواو والنون قيل موسى وهارون ، قالوا : هذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع فى الخطاب إلا مقصودا إليه ، وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذى يسمى شعرا ، وذلك القدر ما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده من الشاعر.
وأما ما فى القرآن من السجع فهو كثير لا يصح أن يتفق كله غير مقصود إليه ، ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ، ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز.
ولو جاز أن يقال هو سجع معجز لجاز لهم أن يقولوا شعر معجز ، وكيف والسجع مما كان يألفه الكهان من العرب ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفى الشعر ، لأن الكهانة تنافى النبوات كذلك الشعر.
والذى يقدرونه أنه سجع فهو وهم ، لأنه قد يكون الكلام على مثال السجع وإن لم يكن سجعا ، لأن ما يكون به الكلام سجعا يختص ببعض الوجوه