٣
وجوه إعجاز القرآن
ثمة ثلاثة أوجه من الإعجاز :
أحدها : يتضمن الإخبار عن الغيوب ، وذلك مما لا يقدر عليه البشر ولا سبيل لهم إليه. فمن ذلك ما وعد الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أنه سيظهر دينه على الأديان بقوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ففعل ذلك.
وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه إذا أغزى جيوشه عرفهم ما وعدهم الله من إظهار دينه ليثقوا بالنصر ويستيقنوا بالنجح.
وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يفعل كذلك فى أيامه ، حتى وقف أصحاب جيوشه عليه ، فكان سعد بن أبى وقاص رحمهالله وغيره من أمراء الجيوش من جهته يذكر ذلك لأصحابه ، ويحرّضهم به ، ويوثق لهم ، وكانوا يلقون الظفر فى مواجهاتهم ، حتى فتح إلى آخر أيام عمر رضى الله عنه إلى بلخ وبلاد الهند ، وفتح فى أيامه مرو الشاهجان ومرو الروذ ، ومنعهم من العبور بجيحون ، وكذلك فتح فى أيامه فارس إلى إصطخر ، وكرمان ومكران وسجستان وجميع ما كان من مملكة كسرى ، وكل ما كان يملكه ملوك الفرس بين البحرين من الفرات إلى جيحون ، وأزال ملك ملوك الفرس ، إلى حدود أرمينية وإلى باب الأبواب ، وفتح أيضا ناحية الشام والأردنّ وفلسطين وفسطاط مصر ، وأزال ملك قيصر عنها ، وذلك من الفرات إلى بحر مصر وهو ملك قيصر ، وغزت الخيول فى أيامه إلى عمورية ، فأخذ الضواحى كلها ولم يبق دونها إلا ما حجز دونه بحر أو حال عنه جبل منيع أو أرض خشنة أو بادية غير مسلوكة. وقال الله عزوجل : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) فصدق فيه.