ومنها : المنثور الذى يدور بين الناس فى الحديث.
فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة فى الحسن تفوق به كل طريقة ، ويفوق الموزون الذى هو أحسن الكلام.
وأما قياسه بكل معجزة فإنه يظهر إعجازه من هذه الجهة إذا كان سبيل فلق البحر وقلب العصا حية ، وما جرى هذا المجرى فى ذلك سبيلا واحدا فى الإعجاز ، إذ خرج عن العادة فصدّ الخلق عن المعارضة.
والقرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة ، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها فى أربعة وجوه :
أولها : حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ، ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن.
والثانى : صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب.
ومنها : نظمها ونثرها الذى جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته ، وانتهت إليه فواصل كلماته ، ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له.
وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها ، والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما ، إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها ، خلافا لمن زعم أن الإعجاز فى مجموع البلاغة والأسلوب.
الوجه الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن ، فوجد كما ورد.
الرابع : ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الدائرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذّ من أخبار أهل الكتاب الذى قطع عمره فى تعلم ذلك ، فيورده صلىاللهعليهوسلم على وجهه ويأتى به على نصه ، وهو أمّى لا يقرأ ولا يكتب.