والتضمين كله إنجاز ، والتضمين الذى تدل عليه دلالات القياس أيضا إنجاز. وذكر أن : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من باب التضمين ، لأنه تضمن تعليم الاستفتاح فى الأمور باسمه على جهة التعظيم صلىاللهعليهوسلم تبارك وتعالى أو التبرّك باسمه.
وأما المبالغة فهى الدلالة على كثرة المعنى ، وذلك على وجوه.
ومنها : مبالغة فى الصفة المبينة لذلك كقولك : رحمن ، عدل عن ذلك للمبالغة ، وكقوله غفار ، وكذلك فعال ، وفعول ، كقولهم شكور وغفور ، وفعيل ، كقوله : رحيم وقدير.
ومن ذلك أن يبالغ باللفظة التى هى صفة عامة كقوله : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وقد يدخل فيه الحذف الذى تقدم ذكره للمبالغة.
وأما حسن البيان ، على أربعة أقسام :
كلام ، وحال ، وإشارة ، وعلامة.
ويقع التفاضل فى البيان ولذلك قال عزّ من قائل : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ).
ثم البيان على مراتب ، وأعلى مراتبه ما جمع وجوه الحسن وأسبابه وطرقه وأبوابه ، من تعديل النظم وسلامته وحسنه وبهجته وحسن موقعه فى السمع ، وسهولته على اللسان ووقوعه فى النفس موقع القبول ، وتصوره تصور المشاهد وتشكله على جهته حتى يحل محل البرهان ، ودلالة التأليف مما لا ينحصر حسنا وبهجة وسناء ورفعة ، وإذا علا الكلام فى نفسه كان له من الوقع فى القلوب ، والتمكن فى النفوس ما يذهل ويبهج ، ويقلق ويؤنس ، ويطمع ويؤيس ، ويضحك ويبكى ، ويحزن ويفرح ، ويسكّن ويزعج ، ويشجى ويطرب ، ويهزّ الأعطاف ، ويستميل نحوه الأسماع ، ويورث الأريحية والعزّة ، وقد يبعث على بذل المهج والأموال شجاعة وجودا ، ويرمى السامع من وراء رأيه مرمى بعيدا ، وله مسالك فى النفوس لطيفة ، ومداخل إلى القلوب دقيقة ، وبحسب ما يترتب فى نظمه ويتنزّل فى موقعه ويجرى على سمت مطلعه ومقطعه يكون عجيب تأثيراته وبديع مقتضياته ، وكذلك على حسب مصادره يتصوّر وجوه موارده.