وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦))
قلت : «ماذا» تأتى على أوجه ؛ أحدها : أن تكون «ما» : استفهاما ، و «ذا» : إشارة ، نحو : ماذا التواني. الثاني : أن تكون «ما» : استفهاما ، و «ذا» : موصولة ، كقول لبيد:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول؟ |
|
أنحب فيقضى ، أم ضلال وباطل؟ |
الثالث : «ماذا» كله : استفهام على التركيب ، كقولك : لما ذا جئت؟. الرابع : أن تكون «ماذا» كله : اسم جنس بمعنى شىء ، أو : بمعنى «الذي» كقوله : دعنى ماذا علمت؟ ، وتكون «ذا» زائدة. انظر القاموس.
يقول الحق جل جلاله : (وَ) اذكر (يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) ، الفوج : الجماعة الكثيرة. و «من» : للتبعيض ، أي : واذكر يوم نجمع من كل أمة من أمم الأنبياء جماعة كثيرة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا) ، «من» : لبيان الفوج ، أي : فوجا مكذبين بآياتنا ، المنزلة على أنبيائنا ، (فَهُمْ يُوزَعُونَ) : يحبس أولهم على آخرهم ، حتى يجتمعوا ، حين يساقون إلى موضع الحساب. وهذه عبارة عن كثرة العدد ، وتباعد أطرافهم ، والمراد بهذا الحشر : الحشر للعذاب ، والتوبيخ والمناقشة ، بعد الحشر الكلى ، الشامل لكافة الخلق. وعن ابن عباس : (المراد بهذا الفوج : أبو جهل ، والوليد بن المغيرة ، وشيبة بن ربيعة ، يساقون بين يدى أهل مكة) وهكذا يحشر قادة سائر الأمم بين أيديهم إلى النار.
(حَتَّى إِذا جاؤُ) إلى موقف السؤال والجواب ، والمناقشة والحساب ، (قالَ) أي : الله عزوجل ، موبخا لهم على التكذيب : (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي) المنزلة على رسلى ، الناطقة بلقاء يومكم ، (وَ) الحال أنكم (لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) أي : أكذبتم بها فى بادئ الرأى ، من غير فكر ، ولا نظر ، يؤدى إلى إحاطة العلم بكنهها ، وأنها حقيقة بالتصديق حتما. وهذا نص فى أن المراد بالآيات فى الموضعين هى الآيات القرآنية. وقيل : هو عطف على «كذبتم» ، أي : أجمعتم بين التكذيب وعدم التدبر فيها. (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)؟ حيث لم تتفكروا فيها ، فإنكم لم تخلقوا عبثا. أو : أىّ شىء كنتم تعملون ، استفهام ، على معنى استبعاد الحجج ، أي : إن كانت لكم حجة وعمل فهاتوا ذلك. وخطابهم بهذا تبكيت لهم. ثم يكبون فى النار ، وذلك قوله تعالى : (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) أي : حلّ بهم العذاب ، الذي هو مدلول القول الناطق بحلوله ونزوله ، (بِما ظَلَمُوا) : بسبب ظلمهم ، الذي هو تكذيبهم بآيات