الأجلين : العشر أو الثماني ، (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) أي : لا يتعدى علىّ فى طلب الزيادة عليه ، قال المبرد : قد علم أنه لا عدوان عليه فى إتمامهما ، ولكن جمعهما ليجعل الأقل كالأتم فى الوفاء ، وكما أن طلب الزيادة على الأتم عدوان فكذلك طلب الزيادة على الأقل. (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي : رقيب وشهيد.
واختلف العلماء فى وجوب الإشهاد فى النكاح على قولين ، أحدهما : أنه لا ينعقد إلا بشاهدين ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وقال مالك : ينعقد بدون شهود ؛ لأنه عقد معاوضة ، فلا يشترط فيه الإشهاد ، وإنما يشترط فيه الإعلان ، والإظهار بالدف والدخان ؛ ليتميز من السفاح ، ويجب عند الدخول.
روى أن شعيبا كانت عنده عصىّ الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ، فقال لموسى بالليل : أدخل ذلك البيت فخذ عصا من تلك العصى ، فأخذ عصا هبط بها آدم من الجنة ، ولم يزل الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ يتوارثونها ، حتى وقعت إلى شعيب ، فلما أخذها ، قال له شعيب : ردها وخذ غيرها ، فما وقع فى يده إلا هى سبع مرات. ـ وفى رواية السدى : أمر ابنته أن تأتيه بعصا فجاءته بها ، فلما رأها الشيخ قال : آتيه بغيرها ، فألقتها لتأخذ غيرها ، فلا تصير فى يدها إلا هى ، مرارا ، فرفعتها إليه ، فعلم أن له شأنا. ولما أصبح قال له شعيب : إذا بلغت مفرق الطريق فلا تأخذ على يمينك ، فإن الكلأ ، وإن كان بها أكثر ، إلا أن فيها تنينا ، أخشاه عليك وعلى الغنم ، فأخذت الغنم ذات اليمين ولم يقدر على كفها ، فمشى على أثرها ، فإذا عشب وريف لم ير مثله ، فنام ، فإذا التنين قد أقبل ، فحاربته العصا حتى قتلته ، وعادت إلى جنب موسى دامى ، فلما أبصرها دامية ، والتنين مقتولا ؛ ارتاح لذلك. ولما رجع إلى شعيب بالغنم فوجدها ملأى البطون غزيرة اللبن ، وأخبره موسى ، فرح ، وعلم أن لموسى شأنا ، وقال له : إنى وهبت لك من نتاج غنمى ، هذا العام ، كلّ أدرع ودرعاء ـ أي : كل جدى أبلق ، وأنثى بلقاء ـ فأوحى الله تعالى إلى موسى فى المنام : أن اضرب بعصاك الماء الذي تسقى منه الغنم ، فضرب ، ثم سقى الأغنام ، فوضعت كلها بلقاء ، فسلمها شعيب إليه.
وذكر الإمام اللجائى فى كتابه (قطب العارفين) : أن موسى عليهالسلام انتهى ، ذات يوم ، بأغنامه إلى واد كثير الذئاب ، وكان قد بلغ به التعب ، فبقى متحيرا ، إن اشتغل بحفظ الغنم عجز عن ذلك ؛ لغلبة النوم عليه والتعب ، وإن هو طلب الراحة ، وثبت الذئاب على الغنم ، فرمى السماء بطرفه ، وقال : إلهى إنه أحاط علمك ، ونفذت إرادتك ، وسبق تقديرك ، ثم وضع رأسه ونام. فلما استيقظ ؛ وجد ذئبا واضعا عصاه على عاتقه ، وهو يرعى الغنم ، فتعجب موسى من ذلك ، فأوحى الله إليه : يا موسى ؛ كن لى كما أريد ، أكن لك كما تريد. قال : فهذه إشارة تدل على أن : من هرب من الله إلى الله ؛ كفاه الله ، عزوجل ، من دونه. ه. والله تعالى أعلم.