وقوم : الأدنى لهم : فترة تداخلهم فى عبادتهم ، والأكبر : قسوة تصيبهم فى قلوبهم. وقوم : الأدنى لهم : وقفة مع سلوكهم تمسهم ، والأكبر : حجبة عن مشاهدتهم بسرهم ـ قلت : الأول فى حق العوام ، والثاني : فى حق الخواص ، وهم العباد والزهاد. والثالث : فى حق أهل التربية من الواصلين ـ ثم قال : ويقال : الأدنى : الخذلان فى الزلة ، والأكبر : الهجران فى الوصلة. ويقال : الأدنى : تكدّر مشاربهم ، بعد صفوها ، والأكبر : تطاول أيام الحجب ، من غير تبيين آخرها. وأنشدوا :
تطاول بعدنا ، يا قوم ، حتى |
|
لقد نسجت عليه العنكبوت (١) |
ه. ببعض المعنى.
أذقناهم ذلك ؛ لعلهم يرجعون إلى الله ، فى الدنيا ؛ بالتوبة واليقظة. فإن جاء من يذكّرهم بالله ؛ من الداعين إلى الله ، ثم أعرضوا عنه ، فلا أحد أظلم منهم ، ولا أعظم جرما. إنا من المجرمين منتقمون.
ولمّا قرر الأصول الثلاثة ؛ الرسالة ، وبدء الخلق ، والمعاد ، عاد إلى الأصل الذي بدأ به ، وهو الرسالة ، فقال :
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥))
يقول الحق جل جلاله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) ؛ التوراة (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ) ؛ شك (مِنْ لِقائِهِ) ؛ من لقاء موسى الكتاب ، أو : من لقائك موسى ليلة المعراج ، أو : يوم القيامة ، أو : من لقاء موسى ربّه فى الآخرة ، كذا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ وجعلنا الكتاب المنزّل على موسى عليهالسلام هدى لقومه ، (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ) الناس ، ويدعون إلى الله وإلى ما فى التوراة من دين الله وشرائعه ، (بِأَمْرِنا) إياهم بذلك ، أو بتوفيقنا وهدايتنا لمن أردنا هدايته على أيديهم ، (لَمَّا صَبَرُوا) على مشاق تعليم العلم والعمل به. أو : على طاعة الله وترك معصيته. وقرأ الأخوان : بكسر اللام ، أي : لصبرهم عن الدنيا والزهد فيها. وفيه دليل على أن الصبر ؛ ثمرته إمامة الناس والتقدم فى الخير. (وَكانُوا بِآياتِنا) ؛ التوراة (يُوقِنُونَ)
__________________
(١) فى القشيري :
تطاول نأينا يا نور حتى |
|
كأن نسجت عليه العنكبوت |